449

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Yayıncı

دار القلم

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Yayın Yeri

بيروت - لبنان

Türler

كما اختلف في زمن خلق حواء على قولين (١):
أحدهما: أن آدم أُدْخِلَ الجنَّةَ وَحْدَهُ، فَلَمَّا استوحش خُلِقَتْ حواءُ من ضِلْعِهِ بعد دخوله في الجنة، وهذا قول ابن عباسٍ، وابن مسعود.
والثاني: أنها خلقت من ضلعه قبل دخوله الجنة، ثم أُدْخِلا معًا إلى الجنةِ، لقوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾، وهذا قول أبي إسحاق.
والقول الثاني عليه أكثر أهل العلم (٢).
ويقال لامرأة الرجل: زَوْجُه وزَوْجتُه، والزوجة بالهاء أكثر في كلام العرب منها بغير الهاء. والزوج بغير الهاء يقال إنه لغة لأزْد شَنوءة. فأما الزوج الذي لا اختلاف فيه بين العرب، فهو زوجُ المرأة (٣).
قوله تعالى: ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾ [البقرة: ٣٥]، "أي كلا من ثمار الجنة أكلًا رغدًا واسعًا " (٤).
قال البغوي: أكلا " واسعا كثيرا" (٥).
قال الطبري: أي" وكلا من الجنة رزقًا واسعًا هنيئًا" (٦).
قال ابن عثيمين: " أي: أكلًا هنيًا، ليس فيه تنغيص. والأمر بمعنى الإباحة، والإكرام" (٧).
و(الرَّغَد): الواسع من العيش، الهنيء الذي لا يُعنِّي صاحبه. يقال: أرْغد فلان: إذا أصاب واسعًا من العيش الهنيء (٨)، كما قال امرؤ القيس بن حُجْر (٩):
بَيْنَمَا الْمَرْءُ تَرَاهُ نَاعِمَا ... يَأْمَنُ الأَحْدَاثَ فِي عَيْشٍ رَغَدْ
وقد أخرج الطبري عن ابن مسعود أنه قال: " الرغد، الهنيء" (١٠).
وذكر أهل التفسير في (الرغدِ) ثلاثةُ تأويلاتٍ (١١):
أحدها: أنه العيش الهني، وهذا قول ابن عباس وابن مسعود (١٢).
والثاني: أنه العيش الواسع، وهذا قول الضحاك (١٣)، وأبي عبيدة (١٤).

(١) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٥١٤، والنكت والعيون: ١/ ١٠٤.
(٢) انظر: تاريخ الطبري ١: ٥٢ وابن كثير ١: ١٤١ - ١٤٢. وقد ذكر معظم كتب التفسير قصة خلق حواء، عند تفسير هذه الآية، ويقول أبو حيان في البحر المحيط: ١/ ١٥٦ "وفي هذه القصة زيادات ذكرها المفسرون، لا نطول بذكرها، لأنها ليست مما يتوقف عليها مدلول الآية ولا تفسيرها". ونلحظ أن هذه الأمور الغيبية التي استأثر الله تعالى بعلمها وحجبها عنا، ليس بين أيدينا ما يدل عليها من النصوص الصحيحة .. فأين كان هذا الذي كان؟ وما الجنة التي عاش فيها آدم وزوجه حينا من الزمان؟ ومن هم الملائكة؟ ومن هو إبليس؟ كيف قال الله تعالى لهم ذلك؟ وكيف أجابوه؟ وكيف تم خلق حواء؟ .. إلخ .. إلخ هذا كله يحتاج إلى نص ثابت. وغالب ما يروى من آثار حولها لا يخلو من مقال أو هو من الإسرائيليات، فحسبنا ما جاءت به النصوص، ونكل علم ما رآها إلى الله سبحانه. وانظر: في ظلال القرآن: ١/ ٥٩.
(٣) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٥١٤.
(٤) صفوة التفاسير: ١/ ٤٣.
(٥) تفسير البغوي: ١/ ٨٢.
(٦) تفسير الطبري: ١/ ٥١٦.
(٧) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٨.
(٨) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٥١٥.
(٩) لم أجد في ديوانه، وهو من شواهد الطبري في تفسيره: ١/ ٥١٥.
(١٠) تفسير الطبري (٧١٢): ص ١/ ٥١٥.
(١١) أنظر: النكت والعيون: ١/ ١٠٤ - ١٠٥.
(١٢) تفسير الطبري (٧١٢): ص ١/ ٥١٥.
(١٣) تفسير الطبري (٧١٦): ص ١/ ٥١٥ - ٥١٦.
(١٤) أنظر: النكت والعيون: ١/ ١٠٤ - ١٠٥.

2 / 191