الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
Yayıncı
دار القلم
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
Türler
قوله تعالى: ﴿وَكَانَ مِنَ الكافرين﴾ [البقرة: ٣٣]، "أي: صار بإبائه واستكباره من الكافرين حيث استقبح أمر الله بالسجود لآدم" (١).
أخرج ابن أبي حاتم "عن عبد الله بن بريدة قوله: ﴿وكان من الكافرين﴾، من الذين أبوا، فأحرقتهم النار" (٢).
وذكر الطبري وابن أبي حاتم، عن أبي العالية أنه كان يقول: " ﴿وكان من الكافرين﴾، يعني: من العاصين" (٣).وروي عن الربيع (٤) مثل ذلك.
قال ابن عطية: "وتلك معصية كفر لأنها عن معتقد فاسد صدرت" (٥).
وذكروا في قوله تعالى ﴿وَكَانَ مِنَ الكافرين﴾ [البقرة: ٣٣]، ثلاثة أقوال (٦):
أحدهما: أن المراد: كان من الكافرين في علم الله بناءً على أن
﴿كان﴾ فعل ماضٍ؛ والمضي يدل على شيء سابق.
قال ابن عطية: "وقال جمهور المتأولين: معنى وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ أي في علم الله تعالى أنه سيكفر، لأن الكافر حقيقة والمؤمن حقيقة هو الذي قد علم الله منه الموافاة" (٧).
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن " السدي: ﴿وكان من الكافرين﴾، قال: من الكافرين الذين لم يخلقهم الله يومئذ، يكونون بعد" (٨).
والثاني: أن معناه: "وصار من الكافرين" (٩). قال ابن فورك: "وهذا خطأ ترده الأصول" (١٠).
والثالث: انه كان من الكافرين، وليس قبله كافرا، كما كان من الجنِّ، وليس قبله جِنٌّ، وكما تقول: كان آدم من الإنس، وليس قبله إنسيٌّ. قاله الحسن (١١).
والرابع: أنه قد كان قبله قوم كفار، كان إبليس منهم (١٢).
والخامس: أن (كان): تأتي أحيانًا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقق اتصاف الموصوف بهذه الصفة؛ ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وكان الله غفورًا رحيمًا﴾ [النساء: ٩٦]، وقوله تعالى: ﴿وكان الله عزيزًا حكيمًا﴾ [النساء: ١٥٨]، وقوله تعالى: ﴿وكان الله سميعًا بصيرًا﴾ [النساء: ١٣٤]، وما أشبهها؛ هذه ليس المعنى أنه كان فيما مضى؛ بل لا يزال؛ فتكون ﴿كان﴾ هنا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقيق اتصاف الموصوف بما دلت عليه الجملة.
قال ابن عثيمين: "وهذا هو الأقرب، وليس فيه تأويل؛ ويُجرى الكلام على ظاهره" (١٣).
ولفظة إبليس لغة: أبلس الرجل قُطِع به، وأبلس سكت، وأبلس من رحمة الله يئس وندم ومنه سُمِّي إبليس لأنه أبلس من رحمة الله وقيل: إبليس لا ينصرف لأنه أعجمي معرفة، والمبلس الساكت من الحزن أو الخوف، والإبلاس الحَيْرة (١٤).
(١) صفوة التفاسير: ١/ ٤٣.
(٢) تفسير ابن أبي حاتم (٣٦٦): ص ١/ ٨٤.
(٣) تفسير الطبري (٧٠٥): ص ١/ ٥١١، وابن أبي حاتم (٣٦٧): ص ١/ ٨٥.
(٤) أنظر: تفسير الطبري (٧٠٦): ص ١/ ٥١١.
(٥) المحرر الوجيز: ١/ ١٢٥.
(٦) أنظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٧) المحرر الوجيز: ١/ ١٢٥.
(٨) تفسير ابن أبي حاتم (٣٦٩): ص ١/ ٨٥.
(٩) حكاه المهدوي عن جماعة، أنظر: المحرر الوجيز: ١/ ١٢٥.
(١٠) نقلا عن: المحرر الوجيز: ١/ ١٢٥.
(١١) نقلا عن: النكت والعيون: ١/ ١٠٣.
(١٢) أنظر: النكت والعيون: ١/ ١٠٣.
(١٣) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٦.
(١٤) لسان العرب: ٦/ ٢٩ - ٣٠.
2 / 186