Aligning the Rows and Its Misunderstanding
تسوية الصفوف والفهم الخاطئ له
Türler
ليس من عادتي الإنكار في المختلف فيه؛ إلا أن ظاهرة المبالغة والغلو في فعل بعض المصلين-عند التسوية للدخول بالصلاة- من إلصاقهم القدمِ بالقدم حتى يكاد أحدهم أن يركب قدمك بحجة التسوية، بل لتصاب بالرعبات على حين غفلة منك حين يضرب قدمك بأظافره الحادة، بل إن بعضهم لا ترى رأسه أثناء الصلاة إلا بين قدميه بحثًا عنها، كل ذلك جعلني أكتب في هذه المسألة .... كما طلب مني بعض الإخوة بإلحاح أن أكتب في ذلك.
ما هي حدود التفريج بين القدمين في الصلاة؟
اختلف فقهاء السلف ﵏ في تقديره (^١):
• فذهب الحنفية: بأن التفريج يكون بقدر أربع أصابع فإن زاد أو نقص كره.
• والشافعية: قدروا التفريج بينهما بقدر شبر، فيكره أن يقرن بينهما أو يوسع أكثر من ذلك كما يكره تقديم إحداهما على الأخرى.
• والمالكية قالوا: تفريج القدمين مندوب لا سنة.
وقالوا: المندوب هو أن يكون بحالة متوسطة بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيرًا حتى يتفاحش عرفًا
• ووافقهم الحنابلة على هذا التقدير
فمن أين أتى هؤلاء بهذه الطريقة في التسوية؟ ! فأحدهم يفرشخ -يفرّج- بين قدميه بقدر متر أو يزيد
إن كانت الحجة التسوية الكاملة، قلنا لهم:
ليتأخر أحدكم عن الصلاة ولينظر حال هؤلاء بعد سجودهم، حيث تصير الفراغات بينهم أضعافًا مضاعفة حيث عادت الأقدام إلى وضعها الطبيعي.
"والغريب" أنهم تركوا العمل بما أمَر به النبي ﷺ صراحةً من طلب المساواة بالمناكب، في أكثرَ من حديثٍ وصارت أعناقهم ورؤوسهم لا تراها إلا بين أرجلهم بحثًا عن أقدامهم هل وصلت إلى الطرف الآخر أم لا.! ! !
_________
(^١) الفقه على المذاهب الأربعة ١/ ٢٣٤
1 / 1
وللإنصاف لهم شبه دليل: بقول أنس-﵁ " وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِه" [صحيح البخاري ١/ ١٨٥].
والجواب: ما قاله الحفاظ والشُّراح ومن نقلوا هذا الحديث
• قال العلامة التهانوي في كتابه العظيم "إعلاء السنن" (^١): بعد ذكره لقول أنس-﵁ "وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه" قال: "ولو حُمل الإلزاقُ على الحقيقة فالمرادُ منه إحداثُه وقتَ الإقامة لتسوية الصف، فإن إحداثَ الإلزاق بين تلك الأعضاءِ طريقُ تحصيل هذه التسوية، ولا دلالةَ في الحديث على إبقائه في الصلاة بعْدَ الشروع فيها، ومن ادَّعَى ذلك فليأتِ بحجةٍ عليه"
• وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري (^٢): "المرادُ بذلك المبالغةُ في تعديل الصف وسدِّ خلله" ا. هـ.
يعني: لا على الحقيقة والظاهر، أي: أنهم تراصَّوا في الصفوف حتى لكأنهم ألزَقوا الكعبين بالكعبين ..
وأخيرًا: يكفي قول أنس في رواية ذكرها ابن حجر .. قال: "ولو فعَلْتَ ذلك بأحدهم اليومَ لنَفَر. . . " [*]، وفيه دليل صريح أن أنسًا قد ترَك فِعْلَ ذلك في عهد التابعين؛ لقوله: " ولو فعَلْت "؛ لأن "لو" حرفُ امتناعٍ لامتناعٍ، أي: أنه امتنَع عن إلصاق كعبيه خشيةَ أن يَنفرَ المصلي المجاوِرُ ويُبعِدَ قدمَه، ولو اعتَقد أنسٌ أن إلزاقَ الكعبين سنةٌ مقصودةٌ بذاتها من سنن الصلاة لمَا ترَكَه مطلقًا، وقد تركَ ذلك لأجْل خشية الخوف من نفور المصلي الذي بجواره.
ومن همّه - فقط - تقريب الأقدام أو مباعدة السيقان فلن يخشع قلبه للدَّيان، فقد غرق في تفاصيل الشكل وغاب عنه مضمون الصلاة وهو الأصل.
وكتبه
محمد مهدي نذير قشلان
رجاء دعوة صالحة
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
_________
(^١) إعلاء السنن ٤/ ٣١٩.
(^٢) فتح الباري ٢/ ٢١١.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: قال الحافظ في الفتح: «وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر عن حميد بلفظ قال أنس فلقد رأيت أحدنا إلخ وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي ﷺ وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته وزاد معمر في روايته ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس» [«فتح الباري لابن حجر» (٢/ ٢١١)]
1 / 2