من 6 إلى 9 (12 ظهرا-3 عصرا)
9 (3 عصرا)
يوحنا
6 (12 ظهرا) ؟ ؟
من مقارنة الأوقات في الروايات الأربع، نخرج بنتيجة مفادها أن يسوع لم يبق على الصليب أكثر من ست ساعات. وهذا لا يتفق مع الحقائق التي نعرفها عن الموت على الصليب. فقد كان الموت يأتي بطيئا بسبب صعوبة التنفس الحاصلة جراء تثبيت الذراعين وثقل الجسم على الرئتين، وكان على المحكوم أن يضغط على قدميه المثبتتين بأربطة أو مسامير لكي يخفف الضغط عن صدره. وبهذه الطريقة كان يمكن لأي محكوم أن يستمر معلقا على الصليب مدة يومين أو ثلاثة على أقل تقدير، إذا لم تكسر ساقاه من أجل التسريع بموته. ويروي لنا يوسيفوس الذي كان شاهد عيان على اجتياح الرومان لأورشليم عام 70م، أن عدد المصلوبين يوميا كان يصل إلى 500 مصلوبا، حتى إن أحراش المنطقة فرغت من أشجارها التي استخدمت كصلبان، وأن المصلوبين كانوا يبقون أحياء لعدة أيام، وتشكل معاناتهم مشهدا مرعبا للسكان اليهود وعبرة لمن يفكر بالتمرد على روما.
فكيف مات يسوع بعد ست ساعات وما هي مسببات موته؟ هذا السؤال قائم منذ ألفي عام، وكان بيلاطس أول من طرحه عندما وصله خبر موت يسوع، و«تعجب من أنه مات هكذا سريعا»، ولم يصدق إلا بعد أن أرسل قائد المائة للتحقق من موته (مرقس، 15: 44).
مرة أخرى هنالك سؤال يتعلق بيوسف الرامي الذي هو أحد أكثر الألغاز في الإنجيل إثارة للحيرة. فلماذا من بين كل الناس تقدم يوسف الرامي لطلب جسد يسوع من بيلاطس؟ لقد كان التلاميذ مختبئين خوفا من الملاحقة، ولكن التلميذ الحبيب المقرب من رئيس الكهنة كان حاضرا عملية الصلب وواقفا تحت صليب يسوع عندما أنزل. فلماذا لم يتطوع لهذه المهمة وهو أولى بها من تلميذ سري كان يخشى من افتضاح أمره ويحرص على مكانته كعضو في المجلس اليهودي؟ هل كان شخصية حقيقية أم شخصية خيالية تم ابتكارها لملء الفجوات في قصة الصلب المشوشة التي وصلت إلى الإنجيليين؟ وهل جرى استلهام هذه الشخصية من قصة أخرى يقوم فيها رجل بارز بطلب جسد مصلوب من قائد روماني؟ إن ما يثير هذا السؤال الأخير في الأذهان هو ما رواه المؤرخ يوسيفوس الذي يحمل الاسم نفسه (أي يوسف) في مذكراته، من أنه خلال الحروب اليهودية عام 70م تعرف بين المصلوبين خارج أورشليم على ثلاثة من أصدقائه، فمضى إلى القائد الروماني تيتس وطلب أجسادهم ليدفنها، فأعطاه تيتس ما طلب، وعندما أنزل الأجساد وجد أن اثنين منهم فاقدان للحياة والثالث ما زال حيا، فعمل على إنعاشه ومعالجته حتى شفي. فهل كانت هذه القصة أو ما يشبهها وراء شبح يوسف الرامي؟
لغز القبر الفارغ
ربما لن يكون باستطاعتنا أبدا أن نعرف ما جرى ليسوع بعد أن أودع على عجل في قبر مؤقت قريب من موضع الصلب في أرض يملكها يوسف الرامي. الأمر الوحيد الذي يمكننا التثبت منه وتتفق عليه الروايات الأربع، هو أن القبر وجد فارغا في صباح اليوم الثالث للصلب، وفيما عدا ذلك فإن هذه الروايات تختلف فيما بينها في معظم التفاصيل، كما تختلف مع سفر أعمال الرسل ومع أقدم رواية عن القيامة والظهورات وهي رواية بولس. وإذا كان باستطاعتنا تفسير القبر الفارغ بأن أحدا ما قد نقل جثمان يسوع إلى قبر آخر دائم في وقت ما من مساء اليوم الثاني، وهو تفسير يتفق مع منطق الأحداث، فإن ما تبقى من القصة لا يمكن إخضاعه للبرهان، لأنه ينتمي إلى مجال الإيمان والتقوى الدينية. ومع ذلك فلا بد لنا من عرض تفاصيل هذا اللغز، لا من أجل حله وإنما من أجل توضيح أبعاده.
في الرواية الإنجيلية الأقدم وهي رواية مرقس، يقدم لنا المؤلف سردا واقعيا خاليا من المعجزات والظواهر الخارقة. فعند طلوع شمس اليوم الثالث، جاءت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة إلى القبر من أجل إتمام طقوس الدفن، فوجدن الحجر مدحرجا عن مدخله. وعندما ولجن أبصرن شابا جالسا عليه ثياب بيض فاندهشن. فقال لهن: لا تندهشن. أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام، ليس هو ها هنا. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل ، هناك ترونه كما قال لكم. فخرجن سريعا وهربن من القبر لأن الرعدة والحيرة أخذتاهما، ولم يقلن لأحد شيئا لأنهن كن خائفات (مرقس، 16: 1-8).
Bilinmeyen sayfa