Binbir Gece Masalları Üzerine Bir İnceleme
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Türler
وقد تناقل القراء أيضا على مر العصور قصة البساط السحري الذي يطير بمن عليه من مكان إلى آخر، وهو أيضا من أحلام البشر في كل العصور، أي إمكانية الانتقال السريع من مكان إلى آخر، خاصة عبر الجو، وهو ما تحقق بعد ذلك عن طريق الطائرات، ثم الطائرات الأسرع من الصوت. ولا يزال المستقبل يحمل في طياته تحقيق المزيد من سرعة الانتقال والاتصال، بما يحقق أحلام الفرس الطائر والبساط السحري. وقد وردت حكايات الطيران في الجو في عدة مواضع من قصص ألف ليلة وليلة، يبين الاقتباس أعلاه إحداها. وقد ورد ذكر البساط الطائر في حكاية الأمير أحمد والأميرة باري بانو، وفيها يتنافس ثلاثة من الأمراء أولاد أحد السلاطين العظام على الزواج من ابنة عمهم نور النهار، فيعقد أبوهم السلطان مسابقة بينهم؛ أيهم يأتي بأعجب الأشياء فهو الفائز. ويتوجه أكبرهم، الأمير حسين إلى مملكة بسناجار على الساحل الهندي بحثا عن شيء عجيب يجلبه، فيرى فيها أحد التجار يعرض بساطا للبيع بثمن باهظ، ولما يسأل عن السبب يجيبه البائع بأن أي شخص يجلس على ذلك البساط يمكنه الانتقال في غمضة عين إلى أي مكان يشاء، لا يعوقه في ذلك عائق! كذلك يرد ذكر الانتقال الجوي في قصص أخرى من حكايات ألف ليلة.
وكثيرا ما يقترن الطيران والطائرة في ذهن الكتاب بقصة البساط السحري كما وردت في ألف ليلة. فالكاتب ه. ج. ويلز، في سيرته الذاتية يحكي عن رحلته الجوية إلى موسكو قائلا: «... حتى عام 1900م، لم تكن تشكل رحلة مثل هذه إلا أعجوبة كأعجوبة بساط الأمير حسين.»
وتجدر الإشارة إلى أن القصة السابق ذكرها، «حكاية الأمير أحمد والأميرة باري بانو» تضم ذكر اختراعات عجيبة أخرى، كالتي عثر عليها الأمير الثاني علي الذي توجه إلى مدينة شيراز ببلاد فارس وجلب من هناك منظارا سحريا يرى الناظر في أي طرف منه أي شيء يود أن يراه! أما الأمير الأصغر أحمد، فهو يجلب من سمرقند تفاحة سحرية يمكنها أن تشفي أي مريض من أي علة كانت! وقد توصل علم اليوم إلى بعض من هذه الخواص، متمثلا في التليسكوب، والأدوية الناجعة التي توصلت إليها الأبحاث الطبية الآن، ولكن ما نزال نفتقد الخواص الأخرى لتلك الأشياء العجيبة.
أما حكاية طاقية الإخفاء فهي تتحدث عن نفسها، ويرى القارئ في تكملة القصة كيف استغل حسن البصري تلك الطاقية في هزيمة أعدائه والتوصل إلى زوجته التي كان يبحث عنها وتحقيق كل أحلامه. ورغم أن العلم الحديث لم يتوصل - بعد - إلى اختراع مثل هذا الشيء الذي يجعل الإنسان مختفيا عن أعين الآخرين، فما يزال الذهن البشرى يتطلع إلى تحقيق مثل هذا الاختراع العجيب. كذلك لم يتوصل العلم الحديث إلى اختراع شيء يمكن الإنسان من السير على المياه، وإن كان يمكن الآن الجري عليها كما يفعل رياضيو الانزلاق على الماء، وإن كان ذلك يتم بمعونة أشياء خارجية، كالقوارب أو الزحافات الآلية، أو التي يسحبها الشراع.
وقد حفلت ألف ليلة وليلة بقصص الخوارق والعجائب والسحر والجن، وقد ذكرناها في مواضعها؛ إذ إن ذلك يختلف عن عناصر قصص الخيال العلمي، التي يتعين أن تكون نابعة من اختراعات بشرية لا تدخل فيها عناصر ما فوق الطبيعة أو خوارق المردة والشياطين. ولهذا لم نتعرض هنا لحكاية القضيب المسحور الذي وجده حسن البصري مع طاقية الإخفاء؛ إذ إنه يتصل بالجن وليس من قبيل الصنعة البشرية. وينطبق مثل هذا القول على قصة علاء الدين والمصباح السحري، والصياد والعفريت، وغيرهما. أما قصة علي بابا والأربعين حرامي، فإن فيها شيئا يماثل استخدام العلم للصوت الإنساني لتحريك الجماد وتفعيله، وإن كان ذلك على نحو بدائي طبعا. ومن المؤسف أن حكواتي القصص لم يتطرق خياله إلى اختراع بصمة الصوت، إذن لكان أراح العصابة من الدخلاء على الكنز، فلم تكن المغارة تنفتح إلا بصوت أناس معينين، كما تنفتح خزانة البنوك السويسرية الآن لبصمة صوت صاحبها وحده فحسب!
وفي «حكاية جودر الصياد وأخويه» ذكر لعدد من الطلاسم السحرية تلقي ظلالا على المخترعات الحديثة أيضا. ففي تلك القصة من قصص ألف ليلة وليلة، يجري ذكر كنز يسمى «كنز الشمردل» ويحتوي على خاتم وسيف ودائرة فلك ومكحلة، وكلها أدوات سحرية تكون في خدمة من يملكها. والطريف منها هو دائرة الفلك، وهي تذكر في الحكاية على النحو التالي: «وأما دائرة الفلك فإن من يملكها إن شاء أن ينظر جميع البلاد من المشرق إلى المغرب فإنه ينظرها ويتفرج عليها وهو جالس ، فأي جهة أرادها يوجه الدائرة إليها وينظر في الدائرة فإنه يرى تلك الجهة وأهلها كأن الجميع بين يديه؛ وإذا غضب على مدينة ووجه الدائرة إلى قرص الشمس وأراد احتراق تلك المدينة فإنها تحترق.» ويمكن للقارئ أن يفسر عمل تلك الدائرة على المستوى المعاصر كما يحلو له، فهي تقوم مقام التلفزيون الحديث، الذي يمكن المشاهد - عن طريق الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية و«الكابل» و«الدش» من توجيه محطته إلى أي بلد يشاء ويرى فيه برامج تلك البلد أو الجهة؛ كما يمكن تفسيرها أيضا بالرادار الذي يستطلع تحركات الجيوش والطيران، ويمكن القادة من تدمير وإحراق أي طائرات مغيرة، كما تذكر الحكاية عن توجيه قرص الشمس إلى أي مدينة مغضوب عليها فتحترق!
وقصص الخيال العلمي هو - كما تعرفه الموسوعة البريطانية في آخر طبعاتها المختصرة - «شكل قصصي ظهر في القرن العشرين ويتناول أساسا أثر العلم المتخيل على المجتمع أو الأفراد. ويستخدم المصطلح على نحو أعم للإشارة إلى أي فانتازيا أدبية تتضمن عاملا علميا.»
وقد انتشر هذا النوع من القصص والروايات عشية وغداة الوثبة العلمية الكبرى التي حققها الغرب بعد امتصاصه واستيعابه النهضة العلمية التي حققتها الحضارات السابقة عليه وأهمها الحضارة العربية الإسلامية. وقد بدأت الاختراعات العلمية في الظهور في القرن التاسع عشر، بما أصبح يدعى الانقلاب الصناعي. ثم توالت الاختراعات التي لم تخطر على بال الإنسان إلا في كتابات المستقبليين وعلى رأسهم ماري شيللي وجول فيرن وه. ج. ويلز وستيفنسون. أما كتابات وقصص الخيال العلمي المعاصرة فهي تصدر بغزارة فائقة وتلقى رواجا كبيرا بين القراء، ومن أبرز من اشتهروا بها في أواخر القرن العشرين الكاتب الأمريكي - الروسي المولد - إسحاق عظيموف (1920-1992م).
وأول رواة الخيال العلمي على نحو دءوب هو الفرنسي جول فيرن (1828-1905م)، فهو قد خصص معظم أعماله لأدب الخيال العلمي. وقد انطلق من شعاره الذي يقول: «إن كل ما بوسع الإنسان أن يتخيله، سيقوم أناس آخرون بتحقيقه.» فتخيل طيران الإنسان في المناطيد، والرحلة إلى القمر، والوصول إلى باطن الأرض، والدوران حول العالم في أدنى مدة: وهذه كلها «خيالات» حققها العلم بعد ذلك بل وتعداها. ويذكر لجول فيرن أنه أول من بشر - في العصور الحديثة - باختراع الغواصة والطائرة والتليفزيون، وغزو الفضاء. وروايته «من الأرض إلى القمر» نموذجية في كيفية اتحاد الخيال مع الدرس العلمي في تحقيق عمل مستقبلي بديع. ونقتبس هنا ما كتبه محرر شهرية «كتاب» المعروفة عن تلك القصة ومؤلفها: «وفي قصته المشهورة هذه: «من الأرض إلى القمر»، كانت حساباته وتقديراته كلها صحيحة ودقيقة، لأنه اعتمد على قوانين الطبيعة وطبقها في تصوراته وتخيلاته، واعتمد كذلك على النظريات الفلكية القديمة .. بل لقد أمدت التكنولوجيا الحديثة سفينة الفضاء «أبوللو 11» بالقوة اللازمة للهروب من جاذبية الأرض تماما كما تخيلها «فيرن» عندما فرت كبسولته من الجاذبية الأرضية وهي مندفعة من الأرض بقوة عظيمة .. ولعل الأغرب أن «فيرن» صوب كبسولته نحو القمر بنفس الطريقة التي صوبت بها هيئة «ناسا
NASA » مركبة أبوللو 11 نحو النقطة التي حددت لها على القمر ...» وقد احتفلت مدينة إميان التي استقر فيها جول فيرن بشمال فرنسا، برحلة أبوللو إلى القمر بأن منحت ملاحي الفضاء الثلاثة «أرمسترونج» و«ولنز» و«ألدرين» حق المواطنة فيها، تكريما لهم ولجول فيرن في الوقت ذاته!
Bilinmeyen sayfa