Binbir Gece Masalları Üzerine Bir İnceleme
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Türler
وحين يحكي جودر للمغربي الساحر ما حدث، يقول له ذاك: «أما قلت لك لا تخالف؟ لقد أسأتني وأسأت نفسك.» ويتعين عليهما الانتظار إلى نفس الوقت في السنة التالية، حيث يقوم جودر والساحر بنفس الطقوس، ويذكره الساحر قائلا «لا تظن أن المرأة أمك وإنما هي رصد في صورة أمك ومرادها أن تغلطك.» وفي هذه المرة، يصمم على أن تخلع الأم كل ما عليها من ثياب، وحين تفعل ذلك، صارت شبحا من غير روح. ويعلق الدكتور شكري عياد في كتابه القيم «البطل في الأدب والأساطير» على ذلك الموقف خير تعليق بقوله: «بهذا الوضوح الرائع يصور القصص الشعبي، الذي احتفظ بقدر كبير من موضوعية الأسطورة وتعبيرها المركز المباشر، عقدة أوديب. يصورها تعلقا بوهم الطفولة عن الأم، ذلك الوهم الذي لم يعد يلتئم مع ما عرفه الشباب أنه وهم قاتل، أخطر من خوف الموت نفسه، لأن الإنسان لا يدرك خوف الموت إلا فرعا من خوف أقدم وآصل، وهو خوف الحرمان من الأم. ولا يقتل البطل هذا الوهم إلا بسيف الإصرار. ولكن ليست الشجاعة وحدها هي عدة البطل في القصة الشعبية، فقبلها ذلك الساحر العليم بالكنوز، والذي يوجهه إلى ما ينبغي أن يفعل (كما هو شأن الكبار في طقوس العبور والآلهة العالمين بالخفايا في الأساطير والملاحم). على البطل إذا أن يواجه هذا الغول الخطر ذا المظهر الحبيب، هذا الانحراف المدمر لحاجات الحاضر نحو لذات الماضي. وعندما يواجه الوهم بالتصميم على المعرفة، يسقط الوهم «شبحا بلا روح» وتنفتح للبطل كنوز الحياة.»
وثمة لمحة فرويدية أخرى في حكاية مسرور وزين المواصف. وفي القصة، تعيش زين المواصف مع رجل يهودي اختطفها وادعى أنها زوجته، ولكن قلبها يهوى التاجر مسرور، وهي تحتال على لقائه كلما كان الزوج المزيف مرتحلا عنها. وحتى حين يأتي الزوج إلى زين المواصف، يظل قلبها مشغولا بمسرور، ويبدو ذلك الانشغال في اللاوعي وهي نائمة، فتلهج في منامها باسم حبيبها: «... وأما زين المواصف فإنها لم تنم بل صار قلبها مشغولا بمسرور، واستمر ذلك الأمر إلى ثاني ليلة وثالث ليلة، ففهم اليهودي أمرها ونقد عليها وهي مشغولة البال فأنكر عليها. وفي رابع ليلة انتبه من منامه نصف الليل فسمع زوجته تلهج في منامها بذكر مسرور وهي نائمة في حضنه ...» وهذا الأمر معروف أيضا في علم النفس الحديث بعثرات اللسان، حين يكون لاوعي المرء مشغولا بشخص ما، فيطلق اسمه في غفلة على شخص آخر يكون معه. وفي تلك الحكاية، هو اللاوعي يمارس سطوته على العقل الواعي فيظهر عليه حين يكون المرء مستغرقا في نومه؛ وهذا وارد تماما في نظرية فرويد عن اللاوعي.
ويتناول الباحث «برونو بتلهايم» في كتابه «معنى حكايات الجنيات وأهميتها» (1976م) التفسيرات السيكلوجية لحكايات الجنيات، ويعالج بعض قصص ألف ليلة وليلة من هذا المنظور، فهو يفسر «حكاية عبد الله البحري وعبد الله البري» تفسيرا فرويديا، فيعتبر أن الرجلين يمثلان طرفين متضادين في النفس الإنسانية الواحدة، فعبد الله البري يمثل الأنا
THE EGO ، بينما يمثل عبد الله البحري الهو
THE ID ، وتصور مغامرات عبد الله البحري - على نحو ما - تهاويم وفانتازيات عبد الله البري.
أما الاقتباس الثالث الوارد في صدر هذا الفصل، فهو علة وجود حكايات ألف ليلة ذاتها. إذ إن شهرزاد قد توسلت بالحيلة إلى صرف نظر الملك شهريار - زوجها - عن عادته في قتل العروس التي يتزوجها في الصباح، وما الحيلة التي لجأت إليها شهرزاد إلا قص الحكايات المشوقة عليه. وقد انعكست آية التحليل النفسي هنا، فبدلا من أن يجلس المريض النفسي (ولا شك أن شهريار واحد من هؤلاء المرضى) أمام الطبيب النفسي ويحكي له همومه وهواجسه ومسار حياته، إذ به يجلس أمام الطبيبة النفسية - شهرزاد - التي تعالجه بتقديم حكايات وقصص تفصيلية تجسم أمامه كل مظاهر الحياة الإنسانية ومنها العقد النفسية التي يعاني منها خاصة، وأهمها غدر النساء. حقيقة أن الكثير من قصص شهرزاد يزخر بمكائد النساء وحيلهن وخيانتهن (انظر الفصل الخاص بذلك من هذا الكتاب) إلا أن هذا يضع المريض النفسي في مواجهة الواقع، وينبهه إلى واقع الحياة، ليدرك أن النساء - كما الإنسان عموما - فيهن الصالح والطالح، وكما أن هناك نساء خائنات، هناك الكثير من النساء الوفيات لأزواجهن، وهي واحدة منهن، فهي تعالج زوجها بالقصص، وبالحب، وبالعشرة الطيبة؛ إذ إنها قد أنجبت منه خلال الألف ليلة وليلة، ثلاثة من الأبناء! وجدير بالذكر أن الباحث «برونو بتلهايم» سالف الذكر يتبنى هذا الرأى كذلك.
وقد نعى الكثير من النقاد على شهرزاد امتثالها الخانع لزوجها، وأثارت الكاتبات النسويات
FEMENISTS
هذا الموضوع مرارا وتكرارا، غير أني هنا أراها بمثابة المرأة الذكية التي احتالت بمعرفتها وذكائها للأخذ بيد ذلك الزوج الذي ترسبت عنده «عقدة نفسية» عميقة ضد خيانة المرأة، وقادته عبر مسالك كثيفة من حبكات القصص التي تمزج الخيال بالواقع، وتقدم له الواقع بحلوه ومره، بخيانة المرأة ووفائها، وجمالها وقبحها، حتى تنجح في النهاية في علاج زوجها، مما يؤدي إلى أن تنتهي تلك الحكايات هذه النهاية السعيدة التي قرنت الهناء بالشفاء.
وفي الطرف المقابل، تجدر الإشارة إلى اهتمام سيجموند فرويد نفسه بحكايات ألف ليلة وليلة، التي ذكرها في معرض تحليله لحالات نفسية معينة عند مرضاه، مثل حالة «الرجل الفأر» التي ذكر فيها القرد ذا العين الواحدة في الليالي العربية. وقد أشار فرويد إلى القصص المروية في حكاية الحمال والبنات ، خاصة حكاية الصعلوك الثاني التي يقص فيها كيف تحول إلى قرد، ولاحظ أن الصعاليك الثلاثة قد فقدوا عينا نتيجة ظروف ذات طابع جنسي. ويذكر البروفيسور بيتر كراكشيولو في حواشي كتابه الذي رجعنا إليه سابقا، أنه بحلول عام 1914م، نما اهتمام فرويد بالتفسيرات العربية والشرقية للأحلام، وأن الاهتمام بألف ليلة وليلة وحكاياتها كان قويا في «فيينا» في الوقت الذي كان فرويد مقيما فيها.
Bilinmeyen sayfa