بلغني - أيها الملك العظيم - أن حمالا فقيرا يدعى سندباد عاش في بغداد. وفي أحد الأيام، أنزل ما كان يحمله من بضائع أمام بوابات تاجر ثري. وسمع بالداخل أصوات عزف على العود وأناس يرقصون ويأكلون. صلى سندباد لربه، متحسرا على بؤسه، وشاكيا حظه السيئ في الحياة. وما إن فرغ من صلاته حتى فتحت البوابات، ودخل سندباد. فرأى منزلا جميلا، لا يشبه أي منزل رآه من قبل. استقبله التاجر بالترحاب، وسأله عن اسمه.
فأجاب: «اسمي سندباد الحمال.» وقال المضيف: «أحمل الاسم ذاته، فأنا سندباد البحار.» ثم طلب من الحمال الجلوس وأخبره عن رحلاته والمخاطر الكثيرة التي واجهها. •••
كان والدي رجلا ثريا، وترك لي الكثير من الأموال. لكنها لم تساعدني، فقد أنفقتها حتى لم يتبق منها سوى قدر ضئيل للغاية. فأخذت ما تبقى، وابتعت سلعا لأذهب في رحلة تجارية بحرية. وارتحلنا من جزيرة إلى أخرى حتى وصلنا في النهاية إلى جزيرة تبدو في جمالها وكأنها جنة الله على الأرض. وما إن أشعلنا نارا لطهو الطعام حتى سمعنا القبطان يصرخ: «اركضوا! بالله عليكم، اركضوا إلى السفينة!»
فركضنا جميعا، ونحن نجهل حينها أن الجزيرة بأكملها هي في واقع الأمر سمكة ضخمة. لكننا تأخرنا كثيرا. فتمكن بعضنا من الوصول إلى السفينة، في حين انقلب آخرون في المحيط العاصف بسبب اهتزاز السمكة وتأرجحها. وسرعان ما ألقى بي المد العاتي على إحدى الجزر حيث هبطت على الشاطئ.
وعندما نظرت حولي، رأيت فرسا جميلة مقيدة إلى شجرة على الشاطئ. وعندما سرت تجاهها، انشقت الأرض وخرج منها رجل. سألني عن قصتي، وعندما أخبرته بها، قادني إلى مكان تحت الأرض، وهناك منحني الطعام والشراب. وأخبرني بقصة غريبة. لقد كان خادما لملك عظيم أرسله إلى هذا المكان مع كل ظهور لقمر جديد، وأمره بربط فرسه على الشاطئ. وفي كل مرة، تنجرف أمواج البحر بالقرب من الفرس، ويحل الخادم قيدها، ويشاهدها وهي تندفع نحو البحر بجموح. وعندما تعود من البحر، تكون حاملا. وتلد بعد ذلك مهرا يساوي قدرا كبيرا من المال.
عجبت لقصته، لكنني ذهبت معه، وتبين لي أن كل ما تحدث عنه حقيقي. صحبني الخادم بعد ذلك إلى الجانب الآخر من الجزيرة، وقدمني لملكه الذي أحسن معاملتي، وأسند إلي مهمة استقبال السفن التي تأتي إلى الميناء. وعشت على هذه الحال شهورا عديدة قبل أن تصل سفينة بدت مألوفة لي. قال البحارة الموجودون على متنها إن المالك توفي، فسألتهم عن اسمه. وكانت الإجابة: «سندباد»، فأخبرتهم أنني الرجل الذي يتحدثون عنه. وبالنظر إلي ثانية، تعرفوا علي ورحبوا بي بحرارة.
جنت السفينة الكثير من الأموال من بيع البضائع، ومنحت بعضها للملك امتنانا له. وأبحرت بعد ذلك عائدا إلى موطني، وأنا أكثر ثراء عن أي وقت مضى. وقطعت عهدا على نفسي ألا أذهب في رحلة كتلك مرة أخرى. •••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارن بما سأرويه لكما غدا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»
الليلة الرابعة والعشرون
في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاء يا أختاه، اروي لنا المزيد من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن أكثر إثارة من القصة السابقة.» فأجابت شهرزاد: «كما تشاءان!» •••
Bilinmeyen sayfa