بلغني - أيها الملك السعيد - أن الدرويش الثاني قال للمرأة: ظهر الجني، وكان مرعبا، ويحمل في يديه سيفا ضخما رفعه إلى أعلى ليطرحني أرضا. توسلت إليه ورجوته أن يعتقني، مخبرا إياه أنه ما من سبب لديه ليقتلني.
صاح الجني: «أنت الرجل الذي زرت قصري في الغابة، وسلبت مني امرأتي.»
فقلت له إنه مخطئ، وإنني لم أر مطلقا هذا القصر أو هذه المرأة. وأخذت أتوسل إليه وأرجوه فترة طويلة حتى أنزل سيفه في النهاية.
قال الجني: «لن أقتلك، لكنني لن أتركك تذهب دون عقاب.» ثم أمسك بي، وطار إلى أعلى حتى بدت اليابسة كسحابة بعيدة. أنزلني بعد فترة قصيرة على جبل. أخذ بعض التراب، وتمتم بتعويذة لأتحول في هذه اللحظة إلى قرد، ثم طار الجني مبتعدا.
وعندما أدركت تحولي إلى قرد، بكيت وشعرت بالأسى لحالي. نزلت عن الجبل، وسرت مدة شهر. عبرت الصحراء حتى وصلت إلى الشاطئ. وقفت هناك، وأنا أنظر إلى المحيط حتى رأيت ما يشبه السفينة. أخذت تقترب أكثر، وبدت أنها ستمر من أمامي. فأخذت ألوح لها، راكضا جيئة وذهابا ممسكا بفرع شجرة في يدي.
عندما رآني البحارة، قالوا للقبطان: «لقد غامرت بحياتنا من أجل قرد؟ لنقتله.»
عندما سمعت ما قالوه، جثوت على ركبتي، وتوسلت إليهم ألا يقتلوني. فقال القبطان: «هذا القرد طلب مساعدتي. ولن يؤذيه أحد وهو تحت رعايتي.» وأخذني فوق السفينة، وعاملني بلطف.
أبحرت السفينة خمسين يوما، تدفعها ريح عليلة حتى وصلنا إلى مدينة كبيرة. وما إن رسونا حتى زارنا رسل من ملك المدينة.
قال الرسل: «أيها البحارة الصالحون، بعث إليكم ملكنا بهذه الورقة، ويطلب من كل منكم أن يكتب سطرا فيها. فقد توفي خطاط حكيم عظيم الشأن، ولن يحل الملك أحدا محله سوى خطاط على الدرجة نفسها من التميز.»
وأعطوا للبحارة لفافة ورق، وأخذ كل بحار دوره في كتابة سطر فيها. وعندما وصلوا إلي، انتزعت اللفافة من أيديهم، وصاحوا في خوف من أن ألقي بها في البحر أو أمزقها. لكنني أوضحت لهم أن كل ما أريده هو أن أكتب فيها.
Bilinmeyen sayfa