245

البواكير

البواكير

Yayıncı

دار المنارة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Yayın Yeri

جدة - المملكة العربية السعودية

Türler

القيام ضد إنكلترا. وعلى الأثر سافر السنوسي إلى القسطنطينية في غواصة ليبرّر موقفه بعد هذه الخيبة، ولم يعد بعد ذلك إلى ليبيا قط، ولم يرَ بعد ذلك صفحة الصحراء التي بَثَّ فيها من روحه روحَ الحياة. ولكنه لم يهدأ ولم يلجأ إلى الضعف والاستسلام، بل شرع يعمل، وماذا يضره أن يعمل في غير الصحراء؟ أليست كل البقاع ميادين جهاد في سبيل الله؟ وماذا يضره أن يحارب غير الطليان؟ أليسوا جميعًا أعداء الله؟ بلى، وبقي إلى ما بعد سنة ١٩٢٤ مواصلًا للخليفة حتى نفاه الاتحاديون، فلبث يتنقل من سوريا -حيث أخرجه حكام البلاد، الفرنسيون- إلى فلسطين -حيث طرده ولاة الأمر، الإنكليز- إلى الحجاز وعسير حيث استمر على جهاده إلى أن أدركته الوفاة. ولكنه لم ييأس قط ولم يعترِ عزيمتَه وهن، واسمعوه يحدّث مندوب جريدة «الفوسته تساتيونج» الذي قدم عسير سنة ١٩٢٧ ليفوز بهذه الكلمات: "نحن السنوسيين نعيش أحرارًا ونموت أحرارًا، ونقاتل الاستعمار الأوربي إلى الموت. قد لا نكون اليوم ظافرين، ولكن الحرب سجال، وسيأتي يومنا. هناك دول تَعِدنا بالمال الوافر إذا نحن أغمدنا سيوفنا، ولكنهم لو وزنوا جبال السّراة ذهبًا وجعلوا كثبان الصحراء ألماسًا لما نالوا منا مرادهم. لا يزال السنوسيون يقاتلون الطليان في طرابلس، وليس بينهم وبين البحر إلا مدة ثلاثة أيام، فإذا سرناها قذفنا الطليان في البحر! والآن: أيطالبوننا نحن السنوسيين بقبول الجنسية الإيطالية؟ كلا، لم نقبل، ولن نقبل أبدًا. أهون علينا أن تُقطَع رقابنا من أن نحمل

1 / 248