125

البواكير

البواكير

Yayıncı

دار المنارة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Yayın Yeri

جدة - المملكة العربية السعودية

Türler

كان معي رفيق لي يرى ما أرى فقال: أما ترى كثرة طلاب العلم وروّاد مناهله؟ أما تسرّ بذلك وتؤمل لسوريا منه النجاح والهناء؟ حقًا إنه مشهد يفرح النفس. وسكت ينتظر جوابي، فلم أردّ عليه، فعاد إلى إتمام خطبته فقال: ولمَ لا؟ أليس بالعلم تنهض الأمم؟ أليس كل معهد من هذه المعاهد حجرًا جديدًا في صرح عزنا وبناء مجدنا؟ أليس هؤلاء رجال المستقبل وقادة الغد؟ أليس علمهم منارًا يهديهم سواء السبيل ويدلّهم على طريق الرشاد؟ وراح يهذي بهذا وشبهه. وما أكثر ما يعاني المرء من هؤلاء الذين لا يعرفون الأشياء على حقيقتها فينطقون بعلم، ولا يسكتون فيسترون ما هم عليه من جهل، بل ينطقون، ويُكثرون إذ ينطقون، ويُضجرونك إذ يُكثرون؛ فأنت منهم بين جهل وإضجار! وليس أثقل عليّ من رجل يناقش في الفلسفة ويبحث في أعضل مسائلها وهو لم يسمع بها ولم يعرف من الدنيا إلا تجارة وسوقًا، وآخر يبحث في الدين ويتعرض لتفسير الآيات وتخريج النصوص وهو لا يفقه من الدين إلا أن في الدنيا شيئًا اسمه الدين! ولو عقل هؤلاء لأخذوا فيما خُلقوا له وتركوا ما ليس من شأنهم فاستراحوا وأراحوا. وما لهم ولما لم يعرفوه؟ ما للطبيب وللبلاغة، والتاجر والفلسفة، والمهندس والأصول؟ ولكن الخوض في كل شيء

= «الذكريات»، قال: "كنت أمشي إلى المدرسة من داري في العُقَيبة فأرى الفرن مسدودةً واجهتُه بالخشب ما فيها إلا طاقة صغيرة، والناس يسدّون نصف عرض الطريق، يطلبون أرغفة من الخبز الأسود فلا يكادون يصلون إليها" (مجاهد).

1 / 128