Albert Camus: Felsefi Düşüncesini İnceleme Denemesi
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
Türler
ولكن كاليجولا، على الرغم من كل ما يؤكده، لم يسر في منطقه المحال إلى آخر نتائجه؛ فلو فعل لكان لزاما عليه أن يقدم على الانتحار. لقد عجز كاليجولا عن تحقيق المستحيل وظل وحيدا طول حياته؛ لم يلمس القمر ولم يدرك الخلود.
أما «مارتا» (بطلة مسرحية سوء فهم) فهي الوحيدة التي سارت مع منطق المحال إلى آخر مداه. إنها تكتشف بعد أن قتلت أخاها أنها فقدت السعادة إلى الأبد، وفقدت معها البحر والشمس، ولكن المحال لا ينفصل عن السعادة؛ أعني أن المحال لا سبيل إلى احتماله إلا حيث تكون السعادة ممكنة. وإذا كانت قد فقدت السعادة، فقد فقدت معها المقدرة على الوقوف في وجه المحال، ولم يبق أمامها إلا الانتحار.
31
بهذا تكون «مارتا» قد تجاوزت الحد الذي يتبين لنا بالوعي الناصع بالمحال، وأقدمت على «القفزة المميتة» التي لا بد أن تنتهي بصاحبها إلى الموت.
إذن فالوعي الحق بالمحال، وبالتالي بالتمرد، لم يشرق بعد عند كاليجولا ولا مارتا ولا مرسو؛ فعلى الرغم من أن مرسو يحيا حياة «محالية» بحتة، حتى ليتمنى قبل أن ينفذ فيه حكم الموت لو أمكنه أن يعود فيحياها مرة ثانية، وبالرغم من أن مارتا وأمها بعد أن قتلا الأخ والابن يقفان على هاوية المحال ويثبتان أعينهما في أعماقها، وبالرغم كذلك من أن كاليجولا لا يهب عاطفته وحياته كلها للمحال، فإنهم جميعا يجعلوننا نحس بجو المحال دون الوعي الحقيقي به. حتى سيزيف، الذي يشهد ب «العزة الميتافيزيقية» التي تجعل الإنسان يحتمل محالية العالم والذي يواجه قدره الظالم بوجدان ناصع ووعي مضيء، لم يزل محصورا في دائرة هذا التمرد الفردي الذي سميناه بالتمرد المحال. فتمرده كره للموت وحماس للحياة في وقت واحد، نفي للآلهة وتحد للمحال. إنه في وقفته الوحيدة على قمة الجبل الوحيد، لا يجد ملجأ يأوي إليه إلا قرارة جرحه، ودفعه للصخرة إلى قمة الجبل وتركها تسقط إلى الوادي لكي يدفعها من جديد، في فعل عابث لا جدوى منه ولا نهاية له. إن سيزيف لا يعرف التمرد الحقيقي، الذي هو في جوهره احتجاج على قدر ظالم غير مفهوم؛ ذلك أنه لا يحتج، بل يحتمل، لا يثور، بل يعاند. ووعيه الناصع الذي يجعله يواجه المحال ويتحداه هو الذي يبرر لنا أن نتحدث عن تمرده «المحال» الذي لم يصل بعد إلى مستوى التمرد الحق.
تستوي في هذا نماذج المحال (سيزيف، الممثل، العاشق، الفنان) والغريب (مرسو)، والقاتلتان (مارتا وأمها) وكاليجولا. إن التمرد عندهم جميعا ليس إلا عاطفة متحمسة للحياة، وعنادا، ورفضا مريرا لكل عزاء يأتي من «فوق الطبيعة»، وكبرياء تجعل الإنسان يؤكد قيمة حياته بالتحدي والعناد والإصرار. إنهم جميعا يدورون حول تجربة المحال كتجربة «نادرة»، شخصية، مباشرة، يعانيها الفرد وحده، دون أن يستطيع تجاوز الأفق الفردي الذي تتحرك فيه، ودون أن تتمكن من إدخال عنصر «الآخر» إليها؛ ولذلك كان تمردهم الفردي هو ما سميناه بالتمرد المحال، تمييزا له عن التمرد الحقيقي الذي يحرر الفرد من وحدته. هنالك تصبح الخطوة الأولى التي يقوم بها العقل الذي تصدمه غربة العالم هي الاعتراف بأنه يشارك جميع الناس في الإحساس بهذه الغربة. ويصبح الداء الذي كان يعانيه فرد بمفرده وباء مشتركا.
32
هذا التمرد الحقيقي الذي عرضه كامي عرضا فلسفيا في كتابه «المتمرد» (1951م) قد صوره من قبل تصويرا شاعريا في روايته «الوباء» وفي مسرحيته «حالة حصار».
33 (2) الانتقال إلى التمرد (أ)
الوعي في مسرحية «حالة حصار». (ب)
Bilinmeyen sayfa