Albert Camus: Felsefi Düşüncesini İnceleme Denemesi

Abdülgaffar Mekkavi d. 1434 AH
63

Albert Camus: Felsefi Düşüncesini İnceleme Denemesi

ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي

Türler

بيد أن هذا الرأي لا ينقض ما حاولناه في الكشف عن بناء المحال من الناحية المنطقية، ولا يتعارض مع حديثنا عن الأزمة الرياضية والمنطقية التي عرضنا لها في مقدمة هذا الكتاب، والتي أسفرت في رأي البعض عن إمكانية ثالثة بين الصدق والكذب سموها تارة باللامعنى وتارة أخرى بالمحال؛ ذلك أن مجرد القول بأن العالم محال أو مجرد من المعنى هو في ذاته حكم منطقي. ومع ذلك فلا يجوز لنا أن نقف عند هذا الحكم وأن نستغرق في بحث منطقي لا بد أن يؤدي إلى إهمال الأزمة الأصلية التي تسبب عنها الإحساس بالمحال. وكامي نفسه يحذرنا من خطر الوقوع في شباك المنطق حتى لا نغفل عن الأزمة الوجودية التي ينبغي أن يكون كل تحديد منطقي للمفاهيم، لا يستغني عنه الفيلسوف بالضرورة، مجرد تمهيد قصير لها؛ ذلك أن عاطفة المحال لا تتكثف وتستحيل إلى تصور إلا في اللحظة القصيرة التي تفصح فيها عن حكمها عن العالم. غير أنها لا ينبغي أن نقف عند هذا الحكم؛ ذلك أن عاطفة المحال شيء حي؛ أعني أنها لا بد أن تموت أو يتردد صداها.»

175

إن الأفق الذي نستطيع أن نتمثل فيه المحال ونحاول تحديد طبيعته ليس منطقيا صوريا ولا هو عاطفي بحت، بل إنه ديالكيتكي. ولسنا في حاجة لتتبع تاريخ الديالكتيك وتطوراته عبر التاريخ الفلسفي لنصل إلى هذا الحكم؛ فالتصور اليومي الساذج الذي نحمله لمدلول كلمة المحال يمكن أن يوضح لنا ذلك توضيحا مبدئيا. ونستطيع أن نستعين بمثالين يضربهما كامي نفسه لهذا الغرض.

176

فلو حاولت أن أتهم إنسانا بريئا بارتكاب جريمة بشعة، أو رحت أؤكد عن شخص تقي فاضل أنه زنا بشقيقته، فلا شك أن كلا الرجلين سيجيبني بنفس الإجابة الساخطة: «إن هذا محال!» وإذا رأيت رجلا يندفع ليهاجم ثلة من الجنود المزودين بالأسلحة النارية السريعة الطلقات وهو يلوح بسيف عار في يده فسوف أحكم على مسلكه هذا بأنه «محال»؛ فالمحال في الحالة الأولى يكمن في التناقض بين المسلك الذي أنسبه إلى الرجل الفاضل البريء وبين مبادئه التي يسير عليها في الحياة، وهو في الحالة الثانية يكمن في العلاقة المتنافرة بين غرض هذا الفارس الحالم وبين ما ينتظره، بين قدراته الحقيقة وبين الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه؛ ففي الحالتين إذن نوع من المقارنة، وعلاقة إن يكن قد أسيء وضعها وتقديرها فهي لم تزل علاقة على كل حال.

177

وتعظم المحالية في الحالتين كلما عظم الفارق الذي يفصل بين موضوعي المقارنة؛ فالمحال إذن يرجع في أصل منشئة إلى وجه من وجوه المقارنة بين حالة كائنة وبين واقع محدد، بين مسلك ما وبين العالم الذي يتجاوز هذا المسلك ويعلو عليه.

178

نحن إذن أمام نوع من المواجهة بين طرفين أو التقابل بين عنصرين متضادين، لا يكمن المحال في أحدهما بل في العلاقة التي تربط بينهما. إنه في حقيقته نوع من الشقاق، وصراع ديالكتيكي جوهره التمزق والتوتر الحاد.

إن المحال، إن جاز هذا القول، هو «الثالث» الذي ينشأ عن التقابل - أو بالأحرى التصادم - بين طرفين متضادين في علاقة متشابكة دائبة الصراع. والواقع أن هذا الشيء الثالث قائم بصفة مستمرة بين الفروق المنطقية والأضداد الثابتة، بين الوجود والعدم، بين الصدق البسيط والكذب البسيط، وعلى مسرح هذا الشيء الثالث تمثل دائما مأساة الوجود الإنساني. والواقع أن فلسفة كامي تبدأ مع الإحساس بأن هذا «الثالث المرفوع» هو مجال سؤالها والأفق الطبيعي الذي تدور فيه مشكلاتها؛ فها هنا يتفتح السؤال عن معنى الوجود والحياة باعتباره السؤال الفلسفي الحقيقي الملح.

Bilinmeyen sayfa