Albert Camus: Çok Kısa Bir Giriş

Mumin Mahmud Ramadan Ahmed d. 1450 AH
38

Albert Camus: Çok Kısa Bir Giriş

ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا

Türler

على مدار حياته، أخفى كامو أصوله المتواضعة المنتمية إلى الأقدام السوداء بأشكال متعددة؛ بطراز ملابسه منذ كان مراهقا، وبأسلوب وموضوع أعماله الثلاثة الكبرى الأولى (كانت مواضيعها إنسانية)، حتى في تركيزه على إسبانيا، البلد الذي حصل علنا على معظم اهتمامه من المنظور السياسي (وليس الجزائر)، والذي كان بمثابة مكان مثالي يستطيع فيه المزج بين أصوله الإسبانية وقضية تقدمية. لكن في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، ومع الخطر المحدق على وجود الجزائر الفرنسية، لم يكن أمام كامو خيار آخر غير أن يتطرق إلى جذوره، وأن ينحاز إلى جانب في الصراع الجاري، كما في روايته المنشورة بعد موته، «الرجل الأول». ولذا قد تكون هذه الرواية هي أفضل تقديم لأعماله؛ لأنها توضح ما يقع في صميم رفضه للتاريخ وما يدفعه إلى تبجيل الطبيعة.

ما يتكشف من أدبه، لكنه كان حتى تلك اللحظة مستترا أو خفيا على الدوام، هو الدفاع العاطفي الصريح عن المستوطنين الفرنسيين، وعن الجزائر الفرنسية؛ إذ إنه بمثابة مجاهرة وانكشاف، كقناع يسقط: لا شيء أكثر أهمية إلى كامو من وجود فرنسا في الجزائر. تلك هي قصة النشأة الخفية لأعماله والتزاماته ونظرته إلى العالم، بل حتى حبه للطبيعة. وكتابه الأخير بعنوان «الرجل الأول» هو التماس صادق من رجل يشعر أنه لا يملك شيئا ليخسره، لا شيء ليخفيه بعد الآن. إنه مفتاح جميع أعماله.

تقع معظم أحداث روايته غير المكتملة في الحرب. ثمة إحساس واضح أن الجزائريين سيستردون أرضهم، وفي بؤرة أحداث القصة تغلب مشاعر القلق والخوف والغضب من جانب المستوطنين. يحاول كامو أن يبرر الوجود الفرنسي بالجزائر: يتعامل مع الوضع الاستعماري من موضع غير مسبوق، من موضع ضعف. الحرب هي أسوأ مخاوف كامو التي تتحقق. تعد الرواية نفسها سيرة ذاتية إلى حد كبير، إنها قصة رجل من الأقدام السوداء يدعى جاك كورمري، الذي يعيش الآن في فرنسا. (أحيانا كان كامو يسميه ألبير في مسودة الرواية، وكورمري هو اسم عائلة جدته لأبيه.) ويتناوب سرد جاك بصيغة المتكلم مع حوارات تدور بين المستوطنين وذكريات طفولة جاك. وعندما يعود جاك - الذي يعيش في باريس - إلى وطنه، يواجه غضب المستوطنين وخوفهم وامتعاضهم من صعود القومية العربية. تقدم الرواية حوارات طويلة بين مستوطن متضرر وآخر معاد للعرب أقل تعنتا، إلى جانب الراوي الذي يحاول أن يجعلنا نفهم سبب غضب المستوطنين.

يقع أحد الحوارات عندما يتذكر ليفسك - وهو صديق والد جاك - خدمتهما في الجيش الفرنسي عام 1905 لمحاربة المغاربة. إذ يقول والد جاك عن المناضلين المغاربة لدى اكتشافه لجثة جندي فرنسي مشوهة جرى وصفها بإسهاب: «يمنع المرء نفسه. ذاك هو ما يفعله المرء، بخلاف ذلك ...» ثم هدأ ... ثم صاح فجأة: «جنس قذر، يا له من جنس، جميعهم، كلهم ...»

تتماشى تلك الفقرة مع كثير غيرها في الرواية، حيث ينفي معظم الحوار آدمية العرب. أفعال العرب ضد الغزاة الفرنسيين مذكورة بالتفصيل، بينما يكتفى بالتلميح وحسب إلى جرائم الأوروبيين. نهاية هذه الفقرة رمزية أيضا؛ لأنها تنتهي بحكم قاطع على سلالة بأكملها صادر عن شخصية الأب، الذي تضفى عليه صفة المثالية على مدار الرواية. وتقدم صرخته العنصرية للقارئ باعتبارها ردة الفعل «المفهومة» للضحية. يضمن كامو أيضا محاولات لتفسير ما يطلق عليه السارد رهاب المستوطنين من الغرباء: «البطالة ... كانت أكثر ما يخشى [من جانب الأقدام السوداء] من الشرور. أوضح هذا أن العمال - الذين يكونون دائما أكثر الرجال تسامحا في الحياة اليومية - كانوا دائما يرهبون الغرباء في مسائل العمل، ويتهمون الإيطاليين والإسبان واليهود على التوالي، وكذلك العالم كله في نهاية الأمر، بأنهم يسرقون منهم عملهم - وهذا بلا شك موقف محير للمثقفين الذين ينظرون على طبقة العمال، لكنه مع ذلك موقف إنساني ومبرر تماما.»

لا يعترض كامو على عنصرية الأقدام السوداء في الجزائر الفرنسية، لكنه عوضا عن ذلك يبررها. ويستخدم مشاغل الطبقات الاجتماعية ومخاوفها (كالبطالة) كتفسير لرد الفعل الذي ينم عن رهاب الغرباء من جانب المستوطنين. ومن خلال الراوي نجد العنصرية هنا جزءا من الطبيعة البشرية، كرد فعل يمكن فهمه من شخصيات محببة تماما. هنا يستخدم كامو أيضا أصوله المتواضعة كسلاح، فيستدل أحيانا أن تلك الأصول تقدم له وعيا وأصالة يفتقر إليهما بعض المحاورين الآخرين من ذوي الخلفيات الأكثر امتيازا. وهذه إشارة أخرى إلى سارتر.

لربما كان من الغريب أن الخصم الرئيسي لهذا الدفاع عن الجزائر الفرنسية ليس المتمرد أو الثائر العربي، بل اليساري الفرنسي المعادي للاستعمار. في فقرة أخرى ذات دلالة، يقتلع مستوطن، لديه بستان عنب، الكروم من أرضه ليضمن ألا يتمكن العرب من الانتفاع بها بمجرد أن يستردوا أرضهم. وعندما يسأله كورمري عما يفعل، يجيب المستوطن بما يفترض أن يكون سخرية لاذعة: «أيها الشاب، بما أن ما قمنا به جريمة، فيجب أن نمحوها.»

يصور كامو صاحب الأرض كشخصية مأساوية: رجل مذهل يعمل بجد، عجوز من الأقدام السوداء، واحد من الذين «يهانون في باريس». لكن تدمير بساتين العنب هذا يعود بالذاكرة إلى أكثر الساعات إظلاما في تاريخ غزو فرنسا للجزائر، في عام 1840 عندما وافق صديقا ألكسي دي توكفيل، وهما الجنرال دي لاموريسيير والحاكم العام المستقبلي للجزائر بيجو، على الإتلاف المنظم للمحاصيل باعتباره سياسة «لمنع العرب من التمتع بثمار حقولهم». كان اقتلاع أشجار الزيتون وتدمير الحقول أو الاستيلاء عليها لحظة محورية في غزو فرنسا للجزائر. وبما أن الفرنسيين مجبرون على ترك تلك الأرض المغزوة، فإنهم راحوا يدمرون مرة أخرى الأراضي المزروعة، لكن هذه المرة يصورهم كامو على أنهم ضحايا للظلم.

تصبح هذه الرواية الأخيرة وغير المكتملة، «الرجل الأول»، منبرا للتعبير عن امتعاض المستوطنين البيض. والامتعاض من العاصمة الإمبراطورية خاصة (السلطة المركزية الباريسية، ومن فرنسا عامة) حاضر دائما، على سبيل المثال، في هذا الحوار بين الشخصية الرئيسية - الأنا الأخرى لدى كامو، متمثلة في كورمري - ومزارع من الأقدام السوداء الذي يخبره: «أرسلت عائلتي إلى الجزائر العاصمة [لأجل سلامتهم] وسأموت هنا. إنهم في باريس لا يفهمون هذا.» يبغض المزارع العاصمة الإمبراطورية لدرجة أنه يعبر عن احترام أكبر للعرب الذين يعارضون حكمه بعنف. ويوصي مالك المزرعة مزارعيه العرب بالانضمام إلى المقاومة الجزائرية لأنه «لا يوجد رجال في فرنسا»؛ أي إن الأقدام السوداء سيهزمون بسبب ضعف الحاضرة فرنسا. هذا هو مصدر يأس المستوطن الأبيض: يشعر بتخلي باريس عنه، ونتيجة لذلك يستسلم لصعود المقاومة الجزائرية.

من الأفكار الأخرى المهيمنة والمتكررة في هذا العمل التصوير المثالي لفترة زمنية سبقت الوجود البشري. ذلك أن كامو يرى نفسه - من خلال كورمري - ممزقا بين عالمين يفصلهما البحر المتوسط؛ هما أوروبا والجزائر:

Bilinmeyen sayfa