ودخل الدكتور مازن إلى غرفة الكشف، وكعادته أمر التمورجية بالوقوف على الباب والحيلولة دون دخول أحد إلا لبناء على أمره وطلبه.
وانبعج الكرسي وهو يحتويه، وأمر بفنجان قهوة - سكر شوية - وأكد على التمورجية وتوعدها إذا لم تأت القهوة «سكر شوية»، ومضى يقلب صفحات مجلة «ومن» ويتوقف لدى كل صفحة.
وأخيرا جاء الفرج حين دق الجرس، وأشار للمرأة برأسه دون أن ينطق حرفا.
ودخلت الحالة الأولى تجأر. وقبل أن تنطق كان قد عرف كل شيء، وكتب في التذكرة حقنة تداوي المغص، كان يعرف أنها غير موجودة، وأنها نفدت من الأجزخانة، ولا زال طلبها من الوزارة جاريا، وكان يعرف عن ظهر قلب ألفاظ المحاورة التي سوف تدور بعد قليل بينه وبين المريض حين يعود إليه خالي الوفاض من الدواء، والتي يعلم أيضا أنها تنتهي في العادة بطرد المريض وإدخال آخر.
ودخلت الحالة الثانية والثالثة.
وكان لا يزال مستغرقا في المجلة يتحقق في صورة ممثلة فرنسية ترتدي «مايوه» مصنوعا من جلد رأس فهد، وبه ثقوب مكان العينين والفم، والثقوب تظهر أجزاء من جسدها، ويخفي الجلد أجزاء، وهو منفعل يحاول أن يشغل خياله ليجد ما وراء الجلد أو يخمنه، كان كذلك حتى دخلت الحالة الرابعة.
ولم يتنبه ولم يعد من الوديان التي كان يمرح فيها خياله، ثمة سؤال صغير مضى يشغله؛ ترى أهي حالة مغص أو تسمم؟ وكالعادة مضى يسأل دون أن يعنى بسماع الجواب: اسمك إيه؟ وعاوزة إيه؟ وبيوجعك إيه؟
ولم يعتدل إلا حين خبط عسكري كان واقفا أمام مكتبه، خبط قدميه في سلام عظيم، وقدم له أوراقا كثيرة يحتويها دبوس واحد.
ومر الدكتور مازن على الأوراق مرور الكرام؛ إشارات ومكاتبات مكتوبة بسماجة لا طريف فيها ولا جديد، ولم يقرأ منها ولا فهم حرفا.
وتطوع العسكري بالشرح، وقال إن الحالة التي يستصحبها امرأة مراقبة ليس لها منزل تراقب فيه؛ ولذلك تقضي الليل في القسم، وقد أبلغت الليلة أنها مريضة و...
Bilinmeyen sayfa