وشرعت أصف لها لونه وريحه وحجمه، ولكنها صاحت بي: لقد عرفت أنك أحمق الرجال.
فغضبت وقلت لها: وما ضرك لو تفكه الأطفال مرة؟
فأخذت تصيح بي وتسبني حتى جاء أبو النور من بيته على صياحها، وأقبلت عليه أقص عليه القصة، وكانت امرأتي تقاطعني وتسفه رأيي. فأراد الرجل الطيب أن يطفئ نيرانها، فقال لي يلومني: الحق مع امرأتك؛ فإن عشرة دراهم لا تبذل في شراء البرتقال لأمثالنا.
ثم أراد إرضائي فقال: أما كان يكفيك أن تشتري بخمسة دراهم؟
فأردت أن أهدئ المرأة فقلت: لا بأس يا صديقي، كانت الخمسة تكفي، ولن أرد لك قولا.
فخجلت ريمة من عنفها، وانتهزت الفرصة لترجع عن عنادها وقالت تخاطب صديقي: قل له يا أبا النور، أما كانت الخمسة تكفي؟
فقال لها أبو النور: صدقت، وقد اتفقنا جميعا.
وهكذا سكنت العاصفة، ولكنها سكنت لكي تهب مرة أخرى أشد عنفا؛ ففي ذلك اليوم جاء وقت العشاء ورأيتها تقلي بيضا، وأنا أحب البيض المقلي إذا كان الزبد جديدا. فقلت في نفسي لعلها تريد أن ترضيني وتستسمحني بعد ما كان منها، وكدت ألوم نفسي على غلظتي في مخالفتها. فلما أعدت السفرة ودعت الأولاد للعشاء نظرت إلي في خبث، ثم مدت يدها إلى علبة فيها بهار وفلفل، وأهوت على طبق البيض حتى طمسته، فصار لونه أغبر كريها.
وهي تعلم كراهتي للأفاويه، فلست أطيق حرقتها ولا أقوى على حرارتها؛ بل إني لا أحب ريحها وأكره النظر إليها، وأعتقد أن الله لم يخلقها لخير أبدا، وأنه لا يبارك في زراعتها ولا في تجارتها، وأن الأرض التي تنبتها لن تصيب إلا الذل، وأن القوافل التي تحملها لا يبارك الله في دابتها.
فلما أردت أن أردها عن خبثها قلت لها: إن هذا البهار يحرق حلوق الأطفال.
Bilinmeyen sayfa