الزواجر عن اقتراف الكبائر

İbn Hacer Heytemi d. 974 AH
39

الزواجر عن اقتراف الكبائر

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Yayıncı

دار الفكر

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَبَائِرِ الْبَاطِنَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا] [الْكَبِيرَةُ الْأُولَى الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ] وَقَدَّمْتُهَا لِأَنَّهَا أَخْطَرُ، وَمُرْتَكِبَهَا أَذَلُّ الْعُصَاةِ وَأَحْقَرُ، وَلِأَنَّ مُعْظَمَهَا أَعَمُّ وُقُوعًا وَأَسْهَلُ ارْتِكَابًا وَأَمَرُّ يَنْبُوعًا فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ إنْسَانٌ عَنْ بَعْضِهَا لِلتَّهَاوُنِ فِي أَدَاءِ فَرْضِهَا، فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْعِنَايَةُ بِهَذَا الْقِسْمِ أَوْلَى وَكَانَ صَرْفُ عِنَانِ الْفِكْرِ إلَى تَلْخِيصِهِ وَتَحْرِيرِهِ أَحَقَّ وَأَحْرَى. وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: كَبَائِرُ الْقُلُوبِ أَعْظَمُ مِنْ كَبَائِرِ الْجَوَارِحِ لِأَنَّهَا كُلَّهَا تُوجِبُ الْفِسْقَ وَالظُّلْمَ، وَتَزِيدُ كَبَائِرُ الْقُلُوبِ بِأَنَّهَا تَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ وَتُوَالِي شَدَائِدَ الْعُقُوبَاتِ. وَلَمَّا ذَكَرَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْكَبَائِرَ الْبَاطِنَةَ وَأَوْصَلَهَا إلَى أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ قَالَ: وَالذَّمُّ عَلَى هَذِهِ الْكَبَائِرِ أَعْظَمُ مِنْ الذَّمِّ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ لِعِظَمِ مَفْسَدَتِهَا وَسُوءِ أَثَرِهَا وَدَوَامِهِ، فَإِنَّ آثَارَهَا تَدُومُ بِحَيْثُ تَصِيرُ حَالًا لِلشَّخْصِ وَهَيْئَةً رَاسِخَةً فِي قَلْبِهِ بِخِلَافِ آثَارِ مَعَاصِي الْجَوَارِحِ فَإِنَّهَا سَرِيعَةُ الزَّوَالِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْلَاعِ مَعَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: ١١٤] . (الْكَبِيرَةُ الْأُولَى: الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ) أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَخَتَمَ لَنَا بِالْحُسْنَى فِي عَافِيَةٍ بِلَا مِحْنَةٍ إنَّهُ أَكْرَمُ كَرِيمٍ وَأَرْحَمُ رَحِيمٍ. اعْلَمْ وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ وَأَجْزَلَ عَلَيْنَا هَوَاطِلَ جُودِهِ وَسَوَابِغَ هِبَاتِهِ أَنَّهُ مَرَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ تَعَارِيفِ الْكَبِيرَةِ السَّابِقَةِ ظَاهِرُهُ إنَّمَا هُوَ تَعْرِيفٌ لِلْكَبِيرَةِ الْمُصَاحِبَةِ لِلْإِيمَانِ، فَلِذَلِكَ بَدَأَ كَثِيرُونَ فِي تَعْدَادِهَا بِمَا يَلِي الْكُفْرَ وَهُوَ الْقَتْلُ، وَلَمْ نُجْرِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ

1 / 43