Al-Waraqaat Fi Ma Yakhtalif Fihi Al-Rijal Wal-Nisa
الورقات فيما يختلف فيه الرجال والنساء
Yayıncı
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Baskı Numarası
السنة الخامسة والثلاثون. العدد ١٢١. (١٤٢٤هـ) /٢٠٠٤م
Türler
مقدمة
...
اَلْوَرَقَات فِيمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي أَبْوَابٍ مِّنَ الْمُعَامَلاَت
إِعْدادُ:
د. أَحْمدِ بْنِ عَبْدِ الله العَمْريِّ
الأُسْتاَذِ المُسَاعِدِ في كُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ في الجَامِعَةِ
1 / 159
المقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فإن أنفس ما تُقضى فيه الأعمار، وتُستنفد فيه الأوقات، الفقه في دين الله، وكفى بذلك شرفًا وسموًا، كيف لا والمشتغلون به ينهلون من ميراث محمد ﷺ ويترسمون خطاه إضافة إلى أن الله قد أراد بهم خيرًا إذ هداهم للتفقه في دينه قال ﷺ: "من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين" ١.
ولكن هذا الشرف لا يتأتّى لطالب العلم إلا إذا خلصت نيته لله رب العالمين فلم يخالط قلبه رياء ولا سمعة ولا حب لمماراة العلماء أو مجارات السفهاء، وسلمت نيته من كل شائبة تتنافى مع ما يدعو إليه العلم من الإخلاص وسلامة الصدر، نسأل الله أن يطهر قلوبنا من كل سوء وأن يجعل علمنا وعملنا خالصًا لوجهه الكريم.
وحرصًا مني على التشبه بالقوم قمت بإعداد هذا البحث في موضوع له أهمية بالغة في نظري ألا وهو موضوع تحرير المرأة الذي هبّت رياحه من ديار الغرب.
وهذا البحث يقع ضمن سلسلة بدأتها برسالتي الدكتوراه والتي نُشرت بعنوان (الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام) قسم العبادات ثم أتبعته ببحث آخر في البيوع تحت عنوان (اللموع فيما يختلف فيه الرجال والنساء من أحكام البيوع) .
_________
١ صحيح البخاري مع الفتح ١/١٦٤، في العلم باب من يرد به خيرًا يفقه، حديث ٧١، صحيح مسلم ٢/٧١٨، في الزكاة باب النهي عن المسألة، حديث ١٠٣٧.
1 / 161
ثم تلوته بهذا البحث وسميته (الورقات فيما يختلف فيه الرجال والنساء في أبواب من المعاملات) .
وهذه السلسلة أهدف من خلالها إلى بيان الفروق بين الرجال والنساء في الأحكام الفقهية حتى يتبيّن الفرق بين الطائفتين مما يجعل المسلم يتمسك بدينه عن قناعة تامة غير قابلة للتشكيك؛ لأن دعاة تحرير المرأة يسعون إلى بث دعاواهم بأساليب براقة يتظاهرون من خلالها بالمطالبة بحقوق المرأة وتحريرها من ظلم الرجل زعموا لي غير ذلك من الدعاوى التي لا يُراد بها ألا تحرير المرأة من قيم الدين والكرامة والطهر والعفاف والسعي إلى جعلها لعبة ممتهنة يقضي منها الرجل وطره دون التزام بأي حق من حقوقها الشرعية التي كفلها لها الإسلام من حق الاستمتاع بالزوج الحلال وحق النفقة والسكنى والكسوة والتوقير التام ضمن تشريعات دقيقة تضمن للمرأة المسلمة حقوقها، أمًا وبنتًا وأختًا وعمةً وخالةً وزوجةً إلى غير ذلك مما لا يوجد له مثيل في أي نظام وضعي.
ومع أن دعاوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ظاهرة العوار إلا أنه قد أُشْرِبَها كثير من الناس الذين تحقق فيهم قول النبي ﷺ: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" ١.
والواقع أكبر شاهد على تأثر المجتمعات الإسلامية بهذه الدعاوى حتى إن الناظر في كثير من المدن في بلاد المسلمين لا يجد فرقًا بينها وبين غيرها من بلاد الكفار.
_________
١ صحيح البخاري مع الفتح ١٣/٣٠٠، في الاعتصام، باب قول النبي ﷺ، لتتبعن سنن من كان قبلكم، حديث ٧٣٢٠، صحيح مسلم ٤/٢٠٥٤، في العلم باب اتباع سنن اليهود والنصارى، حديث ٢٦٦٩
1 / 162
ومادام الأمر كذلك فإن التصدي لهذه الدعاوى بالردود العقدية والفكرية والفقهية يكون من فروض الكفايات.
وإن هذا البحث يهدف إلى بيان الفروق الفقهية بين الرجال والنساء في أبواب من المعاملات مما يجعل القول بالتسوية بين الرجال والنساء سفهًا لا يقبله نقل صحيح ولا عقل صريح.
وقد سرت في بحثي هذا على المنهج التالي:
١- قمت بتتبع المسائل التي تدخل تحت هذا الموضوع بالبحث في مظانها، وبعد أن تم لي جمعها جعلتها في مقدمة وفصلين وخاتمة:
٢- قمت بجمع أقوال أهل العلم في كل مسألة ولم ألتزم بتقديم مذهب معين.
٣- قمت بتوثيق كل قول من مصادره الأصلية خاصة المذاهب الأربعة، أما غير المذاهب الأربعة فانقلها من مظانها: كالمصنفات وكتب شروح الحديث وكتب الفقه المقارن.
٤- جعلت نصب عيني أن أذكر أقوال المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة مع ذكر أقوال الصحابة والتابعين غالبًا.
٥- بعد ذكر الأقوال أبدأ في الاستدلال لها فأذكر أدلة القول الأول مقدمًا الأدلة النقلية على الأدلة العقلية ذاكرًا ما على كل دليل من مناقشة بعده مباشرة، وإن كان هناك جواب على المناقشة ذكرته بعد ذلك، وهكذا حتى تتم أدلة القول الأول، ثم أدلة القول الثاني وهكذا.
٦- إذا لم أجد أهل العلم ذكروا أدلة لبعض الأقوال، حاولت الاستدلال لها وأحيانًا أضيف بعض الأدلة لبعض الأقوال.
٧- قد أناقش أدلة قول ومع ذلك أرجحه وذلك لما يلي:
1 / 163
أ - إما لأن تلك المناقشة غير قوية في نظري فلا تكفي لردها.
ب - وإما لأن هناك أدلة قوية غير التي ناقشتها.
ج - وإما لاعتبارات أخرى أذكرها في حينها.
٨- قسمت البحث إلى فصلين والفصل إلى مباحث.
٩- اعتنيت ببيان النصوص التي أنقلها عن أهل العلم، إما بوضعها بين قوسين، أو بأن أبدأ الكلام بقولي: قال فلان، ثم أضع الإحالة في آخر الكلام.
١٠- خرّجت الأحاديث والآثار قدر الاستطاعة فما ورد في الصحيحين اكتفيت بالإحالة إليهما وما ورد في غيرهما حاولت بيان درجته من كتب الفن.
١١- إذا ورد الحديث في الكتب الستة ذكرت الجزء والصفحة والكتاب والباب ورقم الحديث؛ وذلك لكثرة طبعات هذه الكتب، أما غير الكتب الستة فأذكر الجزء والصفحة فقط.
١٢- رمزت لمصنف عبد الرزاق برمز (عب) ولمصنف ابن أبي شيبة برمز (شب) .
١٣- عزوت الآيات إلى أماكنها من القرآن الكريم.
١٤- قمت بتخريج الحديث عند أول ورده.
١٥- إذا رجّحت أن بين الرجل والمرأة فرقًا في مبحث ما، فإن كان الفرق ظاهرًا اكتفيت ببيان حكم كل من الرجل والمرأة، وإن لم يكن واضحًا لخصت الفرق بينهما في آخر المبحث.
١٦- بينت الراجح في كل مسألة حسب طاقتي.
١٧- ختمت البحث بفهارس تفصيلية.
هذا وقد رسمت لعملي في هذا البحث الخطة التالية:
1 / 164
جعلته في مقدمة وفصلين وخاتمة:
المقدمة: وضمنتها منهج البحث وخطة العمل فيه:
الفصل الأول: الحجر: وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: علامات البلوغ التي يختلف فيها الذكور والإناث.
المبحث الثاني: حكم دفع المال للشاب والجارية بعد البلوغ.
المبحث الثالث: حكم تصرف كل من الزوجين في ماله دون إذن الآخر.
المبحث الرابع: حكم تصدق الرجل من مال زوجته وتصدقها من ماله.
المبحث الخامس: حكم ولاية الأب، والأم على مال الصبي:
الفصل الثاني: الهبة والوصية، وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: حكم قبول الوالد والوالدة الهبة للصبي.
المبحث الثاني: حكم رجوع الوالد في هبته لولده ورجوع الوالدة.
المبحث الثالث: كيفية التسوية في العطايا والهبات بين البنين والبنات.
المبحث الرابع: حكم رجوع الزوج في هبته لزوجته ورجوعها في هبتها له.
المبحث الخامس: حكم الوصية إلى الرجل والمرأة.
الخاتمة: في أهم النتائج.
1 / 165
الحجر
المبحث الأول: علامات البلوغ التي يختلف فيها الذكور والإناث
...
المبحث الأول: علامات البلوغ التي يختلف فيها الذكور والإناث.
قبل الدخول في تفاصيل الكلام حول علامات البلوغ ألفت النظر إلى أن كثيرًا من أهل العلم يذكرون علامات البلوغ في كتاب الحجر ليبينوا متى يجب دفع المال للصبي المحجور عليه للصغر ولهذا أوردتُ هذا المبحث في هذا المكان بالذات. أما عن الكلام حول هذه المسألة فأقول:
علامات البلوغ التي ذكرها العلماء منها ما يشترك فيه الذكر والأنثى ومنها ما يخص المرأة دون الذكر.
فأما علامات البلوغ التي توجد في الذكر والأنثى فهي:
١- إنبات الشعر الخشن حول الفرج.
٢- السن إذا لم تظهر علامة تحدد البلوغ غيره.
٣- الاحتلام١.
فأما بالنسبة لإنبات الشعر الخشن حول الفرج فمالك والشافعي وأحمد يعدونه من علامات البلوغ إلا أن بعض الشافعية يرونه بلوغًا في حق الكفار دون المسلمين.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه لا يدل على البلوغ بحال، ولا يهمنا تحقيق الراجح
هنا؛ لأن ما يقال في حق الذكر يقال في حق الأنثى وغرضنا هنا بيان الفرق بين الذكور والإناث٢. علمًا بأن الإنبات دليل بلوغ في حق الذكر
_________
١ تكملة شرح فتح القدير ٩/٢٧٠، حاشية ابن عابدين ٦/١٥٣، تفسير القرطبي ٥/٣٤، ٣٥، الخرشي على خليل ٥/٢٩١، تكملة المجموع ١٣/٣٥٩، ٣٦٣، فتح الباري ٥/٢٧٧، المغني ٦/٥٩٧، الإنصاف ٥/٣٢٠.
٢ انظر: المصادر السابقة إضافة إلى روضة الطالبين ٤/١٧٨، عمدة القاري ١١/ ١٥٣.
1 / 168
والأنثى إن شاء الله كما هو قول الجمهور.
ودليله: ما روى أهل السنن وغيرهم من حديث عطية القرظي قال: "كنت يوم حكم سعد في بني قريظة غلامًا فشكّوا فيّ فلم يجدوني أنبت فاستُبقيت فها أنذا بين أظهر كم"١. هذا لفظ النسائي٠
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح٠
فمن هذا الحديث يتضح جليًا أن الإنبات يدل على البلوغ إذا لم يتضح البلوغ باحتلام أوسن، وإذا ثبت في حق الكفار فلا فرق فيه بينهم وبين المسلمين ولا فرق فيه بين الذكور والإناث٠
وأما بالنسبة للسن فهو مما يختلف فيه حكم الذكر عن الأنثى عند كثير من أهل العلم وإن كان الراجح أنه لا فرق فيه بين الذكور والإناث إن شاء الله، وقد فصلت القول فيه في مبحث مستقل بعنوان (سن تكليف الرجل والمرأة) ٢. فأغنى عن إعادته٠
وأما الاحتلام فكتب أهل العلم التي اطلعت عليها لا تفرق فيه بين حكم الذكر والأنثى وجميعهم يرون أنه من علامات البلوغ في حق الذكور والإناث٣
_________
١ سنن أبي داود ٤/ ٥٦١ في الحدود باب في الغلام يصيب الحد حديث رقم ٤٤٠٤، ٤٤٠٥، سنن الترمذي ٤/١٤٥، في السير باب ما جاء في النزول على الحكم حديث رقم ١٥٨٤، سنن النسائي ٦/١٥٥، في الطلاق باب متى يقع طلاق الصبي حديث ٣٤٣٠، سنن ابن ماجة ٢/٨٤٩، في الحدود باب من لا يجب عليه الحد حديث رقم ٢٥٤١، ٢٥٤٢.
٢ ما أشرت إليه من التفصيل في هذه المسألة موجود في رسالتي الدكتوراه وهي منشورة بعنوان (الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام) .
٣ انظر مصادر الإحالة السابقة.
1 / 169
إلا ما رأيت في بعض كتب الشافعية من أنهم يرون أن الاحتلام يدل على البلوغ في حق الذكر وفي دلالته على البلوغ في حق المرأة وجهان:
الأول: أنه لا يكون دليلًا على بلوغها.
والثاني: أنه يدل عليه١.
دليل الوجه الأول ما روى أبو داود وابن ماجة والحاكم من حديث عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يحتلم" فخص الصبي بالاحتلام٢.
قلت: يجاب عنه بأن تخصيص الصبي بالذكر لا يدل على عدم شمول الحكم للصبية ما دامت تحتلم كالصبي فكما أن النبي ﷺ خص المبتلى بالذكر ولم يدل ذلك على عدم دخول المبتلاة في الحكم وكذا النائم ولم يدل على عدم شموله للنائمة فكذلك الحال في حق الصبية ولعل النبي ﷺ اكتفى بذكر المذكر تغليبًا.
وأما دليل الوجه الثاني فما يلي:
١- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ﴾ ٣ والمراد بالذين لم يبلغوا الحلم الصبيان ذكورًا وإناثًا٤.
ثم قال: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ ٥ والأطفال هنا هم الذكور والإناث أيضًا فمن الآيتين يتضح أن الاحتلام يكون في الذكر والأنثى، وأن الاحتلام دليل بلوغ فيهما يوجب عليهما الاستئذان عند الدخول.
_________
١ انظر: تكملة المجموع ١٣/ ٣٦٣، روضة الطالبين ٤/ ١٧٨.
٢ انظر تكملة المجموع ١٣/٣٦٣.
٣ سورة النور، آية ٥٨.
٤ روح المعاني، ١٨/٢١٠.
٥ سورة النور، آية ٥٩.
1 / 170
٢- ما روى مسلم وغيره من حديث أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله ﷺ: "نعم إذا رأت الماء" فقالت أم سلمة: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ فقال: "تربت يداك فبِمَ يشبهها ولدها" ١.
فهذا الحديث ناصع الدلالة على أن المرأة تحتلم أي أنه يخرج منها الماء الذي يكون منه الولد والولد لا يأتي إلا من بالغة، وبالتالي يتبين أن ما ذهب إليه بعض الشافعية من عدم اعتبار الاحتلام دليل بلوغ في حق المرأة مردود لقوة أدلة هذا القول ولما تقدم من الإجابة عن دليل القول الأول.
وأما علامات البلوغ التي تختص بها المرأة وتختلف بها عن الرجل فهي:
١- الحيض.
٢- الحبل.
فأما بالنسبة للحيض فلا خلاف بين العلماء أنه من أدلة بلوغ المرأة وأن الفرائض والأحكام تجب به عليها ٢ومن الأدلة على ذلك ما يلي:
١- ما روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم والبيهقي من حديث عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" ٣ حسنه الترمذي وصححه الحاكم فأوجب عليها
_________
١ صحيح مسلم ١/٢٥١ في الحيض باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها .... حديث ٣١٣.
٢ الهداية وتكملة شرح فتح القدير وشرح العناية ٩/٧٢٠، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٦/١٥٣، تفسير القرطبي ٥/٣٥، الخرشي على خليل ٥/٢٩١، الحاوي ٦/٣٤٧، المهذب مع تكملة المجموع ١٣/٣٦٠، ٣٦٥، المقنع والإنصاف ٥/٣٢٠، ٣٢١، المغني ٦/٥٩٩.
٣ مسند أحمد ٦/١٥٠، سنن أبي داود ١/٤٢١، في الصلاة باب المرأة تصلي بغير خمار حديث ٦٤١، سنن الترمذي ٢/٢١٥، في الصلاة باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار حديث ٣٧٧، سنن ابن ماجة ١/٢١٥ في الطهارة باب ما إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، حديث ٦٥٥، المستدرك ١/٢٥١، السنن الكبرى ٢/٢٣٣
1 / 171
في الصلاة الاختمار بخلاف الصغيرة وما ذاك إلا لبلوغها.
٢- ما روى أبو داود بإسناده عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب ابن دريك عن عائشة ﵂ أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله ﷺ وقال "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُري منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه" ١.
قال أبو داود: هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة ﵂ وقال المنذري: في إسناده سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن البصري نزيل دمشق مولى بني نصر، وقد تكلم فيه غير واحد، وذكر الحافظ أبو أحمد الجرجاني هذا الحديث وقال: لا أعلم من رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير٢.
وذهب الشيخ الألباني إلى تحسينه٣.
قال الماوردي: فجعلها بالحيض عورة يحرم النظر إليها فدل على أنها بالحيض صارت بالغة٤.
وأما الحبل: فأيضًا هو من أدلة بلوغ المرأة التي تختلف بها عن الرجل إذ أن حملها دليل إنزالها إلا أنه ليس ببلوغ في نفسه بل هو دليل على تقدم البلوغ وإنما كان كذلك لأن الولد مخلوق من ماء الرجل وماء المرأة ٥. قال الله تعالى:
_________
١ سنن أبي داود ٤/٣٥٨، في اللباس باب فيما تبدي المرأة من زينتها حديث رقم ٤١٠٤:
٢ مختصر المنذري ٦/٥٨ حديث ٣٩٤٥.
٣ ارواء الغليل ٦/٢٠٣ رقم ١٧٩٥.
٤ الحاوي ٦/٣٤٧.
٥ انظر المصادر السابقة في الحيض.
1 / 172
﴿فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ ١ يعني أصلاب الرجال وترائب النساء ٢.
وقال تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيه﴾ ٣ أي أخلاط؛ فإذا كان الولد مخلوقًا من مائيهما دل الحمل على تقدم إنزالها فصار دليلًا على تقدم بلوغها٤.
وبهذا يتلخص من هذا المبحث أن إنبات الشعر من علامات البلوغ في حق الذكور والإناث وأن السن والاحتلام مما فرق فيه بعض العلماء بين الذكر والأنثى وأن الحيض والحبل مما تختص به المرأة دون الرجل.
_________
١ سورة الطارق، آية ٧،٨.
٢ الحاوي، ٦/٣٤٧.
٣ سورة الدهر، آية ٢:
٤ الحاوي ٦/٣٤٧.
1 / 173
المبحث الثاني: حكم دفع المال للشاب والجارية بعد البلوغ
...
المبحث الثاني: حكم دفع المال للصبي والجارية بعد البلوغ والرشد
هذه المسألة تُبْحَثُ في باب الحجر وذلك أن من الأسباب المقتضية للحجر الصغر فالصغير لا يدرك مصالحه وربما بذَّر ماله في أمر لا يعود عليه بنفع ومن هنا شرع الإسلام الحجر عليه في المال حتى يبلغ رشيدًا فإذا وصل إلى هذه الغاية فلا يخلو من أن يكون ذكرًا أو أنثى.
فإن كان المحجور عليه ذكرًا فقد اتفق العلماء على أنه إذا بلغ رشيدًا١ دُفع إليه المال وهذا مما لا خلاف فيه وعليه المذاهب الأربعة ٢.
وقد استدلوا لذلك بالمنقول والمعقول من ذلك:
قوله ﵎: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ ٣ فالآية دليل على أن من بلغ رشيدًا دُفِعَ إليه ماله وهذا لا خلاف فيه،
وإنما اختلفوا فيما إذا بلغ سفيها ٤.
٢- ما روى أبو داود في سننه من حديث علي ﵁ قال: حفظت عن رسول الله ﷺ "لا يتم بعد احتلام ..." ٥.
_________
١ اختلف العلماء في المراد بالرشد فالجمهور على أنه الصلاح في حفظ المال وإدارته وقال ابن حزم وجماعة إنه الصلاح في الدين٠ المحلى ٨/٢٨٦، وما بعدها٠
٢ بدائع الصنائع ٧/١٧٠، بداية المجتهد ٢/٢٨٠، التنبيه، ص ٧٢، المغني ٦/٥٩٤.
٣ سورة النساء، آية ٦.
٤ انظر تفسير الطبري تحقيق محمود شاكر ٧/٥٧٤، وما بعدها، القرطبي ٥/٣٤، الإجماع ص ٥٩.
٥ سنن أبي داود ٣/٣٩٣ في الوصايا باب متى ينقطع اليتم حديث ٢٨٧٣.
1 / 174
وقد نقل المنذري عن الخطابي وغيره ما يدل على ضعفه، وكذلك تكلم عليه ابن القيم، وضعف الألباني إسناده ثم حكم عليه بالصحة لطرقه وشواهده١.
قال الخطابي: ظاهر هذا القول يوجب انقطاع أحكام اليتم عنه بالاحتلام وحدوث أحكام البالغين له ... الخ ٢.
٣- ولأن الحجر عليه إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة حفظًا لماله عليه وبهذين المعنيين يقدر على التصرف ويحفظ ماله فيزول الحجر لزوال سببه٣.
وأما إن كان المحجور عليه لصغره أنثى فقد اختلف أهل العلم في وقت رفع الحجر عنها على أقوال ثلاثة:
القول الأول: لجمهور العلماء ومنهم الأحناف والشافعية والحنابلة في الصحيح قالوا يرتفع الحجر عنها ببلوغها رشيدة كالذكر تمامًا٤.
القول الثاني: للإمام مالك أنه لا يرفع الحجر عن الجارية حتى تبلغ رشيدة ويدخل بها زوجها ويشهد العدول على صلاحها٥.
القول الثالث: لا يُرفع الحجر عنها إلا ببلوغها رشيدة وبشرط أن تتزوج وتلد أو تقيم في بيت زوجها سنة، هذا القول رواية لأحمد اختارها أبو بكر والقاضي وابن عقيل والشيرازي، وقال الموفق: روي عن عمر بن الخطاب ﵁
_________
١ مختصر المنذري ٤/١٥٢، إرواء الغليل ٥/٨٠ وما بعدها.
٢ معالم السنن مع مختصر المنذري ٤/١٥٢:
٣ المغني ٦/٥٩٤ ٠
٤ أحكام القرآن للجصاص ٢/٣٥٨، بدائع الصنائع ٧/١٧٠، التنبيه ص ٧٢، مغني المحتاج ٢/١٦٦، المغني ٦/٦٠١، الإنصاف ٥/٣٢٠ ٠
٥ الكافي ٢/٨٣٣، الخرشي على خليل ٥/٢٩٥ ٠
1 / 175
وبه قال شريح والشعبي وإسحاق والحسن البصري وابن سيرين وعطاء ومجاهد وقتادة والأوزاعي١.
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل أهل القول الأول بما يلي:
١- ما تقدم من قوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ ٢.
فالآية أمرت بدفع أموال اليتامى إليهم عند بلوغهم راشدين ولم تفرق بين ذكر وأنثى.
٢- ما تقدم من قوله ﷺ: "لا يتم بعد احتلام" والحجر عليها إنما كان لأجل الصغر وقد زال بالاحتلام:
٣- ولأنها بالغة رشيدة فجاز لها التصرف في مالها كالتي دخل بها الزوج٣.
أدلة القول الثاني:
قال ابن رشد: وحجة مالك أن إيناس الرشد لا يُتَصور من المرأة إلا بعد اختبار الرجال ٤.
قلت: يحصل الاختبار من قبل أبيها أو وصيه فلا وجه لتخصيص الاختبار بالزوج.
_________
١ المغني ٦/٦٠١، الإنصاف ٥/٣٢١، المحلى ٨/٣١٠ ٠
٢ سورة النساء آية ٦.
٣ المغني ٦/٦٠١ ٠
٤ بداية المجتهد ٢/٢٨١ ٠
1 / 176
وقال القرطبي معللًا لذلك: حتى إذا تزوجت ودخل إليها الناس، وخرجت، وبرز وجهها عرفت المضار والمنافع ١.
أدلة القول الثالث:
ما روى شريح أنه قال: عهد إليَّ عمر بن الخطابرضي الله عنه أن لا أُجيز لجارية عطية حتى تلد ولدًا أو تحول في بيتها حولًا ٢.
قال ابن قدامة: إن صح أي أثر عمر ﵁ فلا يترك به الكتاب، والقياس، على أن حديث عمر مختص بمنع العطية فلا يلزم منه المنع من تسليم مالها إليها ومنعها من سائر التصرفات ٣.
الترجيح:
الذي يظهر لي والله أعلم أن القول الأول أقوى لقوة أدلتهم وضعف أدلة المخالف من جهة ومصادمتها للكتاب والسنة والقياس من جهة أخرى وبناءً على ذلك يتضح أنه لا فرق بين الغلام والجارية في هذا الحكم فمتى بلغ أحدهما رشيدًا سُلِّم إليه ماله والله أعلم.
_________
١ الجامع لأحكام القرآن ٥/٢٩ ٠
٢ المغني ٦/٦٠١ ٠ قال الموفق رواه سعيد في سننه وانظر المحلى ٨/٣١٠ ٠
٣ المغني ٦/٦٠٢ ٠
1 / 177
المبحث الثالث: حكم تصرف كل من الزوجين في ماله دون إذن الآخر
الزواج رابطة وطيدة وميثاق غليظ يوجب على كل واحد من الزوجين حقوقًا والتزامات للآخر لا يجوز الإخلال بها إلا أنه مع هذا الترابط يبقى لكل من الزوجين حرية التصرف في أمور كثيرة دون نظر إلى أخذ رأي الآخر وهناك أشياء جرى فيها خلاف منها المال فإنه لأجل هذا الترابط بينهما تكلم العلماء في باب الحجر عن حكم تصرف كل واحد منهما في ماله الخاص به دون إذن صاحبه.
فأما بالنسبة للرجل فإن أحدًا من العلماء لم يقل بإن الزوجة لها الحق في منع زوجها من التصرف في ماله الخاص به حسب اطلاعي بل ليس لها إلا النفقة الواجبة عليه ولا نظر لها في تدبير ماله بوجه من الوجوه.
ويمكن الاستدلال لذلك بما يلي.
١- قوله تعالى: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ ١.
قال ابن عباس ﵄: هم بنوك والنساء وكذا قال ابن مسعود والحكم بن عتيبة والحسن والضحاك ومعاوية بن قرة ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك٢ فالآية على هذا التفسير تنهى عن إعطاء الرجل ماله لنسائه بل ينفق عليهن بالمعروف وبهذا يُعلم أنه لا سلطان لها على ماله بحال من الأحوال٣.
_________
١ سورة النساء آية ٥
٢ تفسير الطبري ٧/٥٦٠ - ٥٦٢، الجامع لأحكام القرآن ٥/٢٩، تفسير القرآن العظيم ١/٦٨١، المحلى ٩/ ٢٨٨ ٠
٣ سقت هذا الدليل مع أني لا أرى تفسير السفهاء بالنساء بل أرى أن قول من فسرها بالصبيان الذين لم يبلغوا الحلم أصح لكن غرضي من هذا أنه لا تسلط للمرأة على الرجل في ماله بل من العلماء من فهم أن القرآن ينهى عن إعطائها المال وَعَدَّها سفيهة لا تحسن التصرف فيه ٠
1 / 178
٢- قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ ١.
قال ابن جرير في تفسيرها: الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن وإنفاقهم عليهن أموالهم وكفايتهم إياهن مؤنهن وذلك تفضيل الله ﵎ إياهم عليهن ولذلك صاروا قُوّامًا عليهن نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن٢.
قلت: فإذا كان الرجل من زوجه بهذه المثابة فلا يكون لها تصرف في ماله بحيث تنهاه أو تأمره فيه بشيء.
وأما المرأة فإن العلماء اختلفوا في حكم تصرفها في مالها دون إذن زوجها على قولين:
القول الأول: يجوز للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة دون نظر إلى إذن الزوج أو رضاه هذا قول جماهير العلماء وعليه الأحناف والشافعية وأحمد في المذهب والظاهرية٣.
القول الثاني: ليس للمرأة الرشيدة التصرف المطلق في مالها ٠ ثم اختلف أصحابه فقال مالك وأحمد في رواية ليس لها التصرف فيما زاد على الثلث من
_________
١ سورة النساء، آية ٣٤.
٢ جامع البيان ٨/٢٩٠ ٠
٣ الهداية وشرح فتح القدير ٩/٢٥٤، بدائع الصنائع ٧/١٦٩، الحاوي ٦/٣٤٢، روضة الطالبين ٤/١٧٧، المغني ٦/٦٠٢، الإنصاف ٥/٣٤٢، المحلى ٨/٣٠٩، ٣١٢ ٠
1 / 179
مالها بدون عوض كالهبة والعتق إلا بإذن زوجها وهو مروي عن أنس وأبي هريرة والحسن ومجاهد، وقال طاوس ليس لها التصرف في شيء من مالها مطلقًا، وعن الليث لا يجوز إلا في الشيء التافه١.
الأدلة:
أدلة القول الأول:
١- عموم آيات القرآن كقوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ ٢ وقوله تعالى: ﴿وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات﴾ ٣. وقوله تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ٤ وكحثه على الإنفاق. فصح أن كل أحد مندوب إلى فعل الخير والصدقة والعتق والنفقة في وجوه البر ليقي نفسه بذلك نار جهنم يدخل فيه ذات الزوج وغيرها ولا يخرج من هذا الحكم إلا من أخرجه النص ولم يخرج النص إلا المجنون حتى يفيق والصبي حتى يبلغ ٥.
٢- قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ ٦.
قال ابن قدامة: وهذا ظاهر في فك الحجر عنهن وإطلاقهن في التصرف٧.
٣- قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً
_________
١ المحلى ٨/٣١٠، الشرح الكبير ٣/٣٠٧، القوانين الفقهية ص ٢٧٦، فتح الباري ٥/٢١٨، المغني ٦/٦٠٢، الإنصاف ٥/٣٤٢ ٠
٢ سورة آل عمرآن، آية ٩٢
٣ سورة الأحزاب آية ٣٥
٤ سورة التوبة آية ٤١
٥ المحلى بتصرف ٨/٢٧٩، ٢٨٠ ٠
٦ سورة النساء آية ٦ ٠
٧ المغني ٦/٦٠٣ ٠
1 / 180
فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ﴾ ١.
قال الطحاوي: فأجاز عفوهن عن مالهن بعد طلاق زوجها إياها بغير استئمار من أحد فدل ذلك على جواز أمر المرأة في مالها، وعلى أنها في مالها كالرجل في ماله٢.
٤- ما روى مسلم في صحيحه أن أسماء باعت جارية لها قالت: فدخل عليَّ الزبير وثمنها في حجري فقال: هبيها لي. قالت: إني قد تصدقت بها٣.
قال ابن حزم: فهذا الزبير، وأسماء بنت الصديق قد أنفذت الصدقة بثمن خادمها، وباعتها بغير إذن زوجها ولعلها لم تكن تملك شيئًا غيرها أو كان أكثر ما معها٤.
٥- ما تقدم من حديث جابر عند مسلم أنه ﷺ قال: "يا معشر النساء تصدقن فإنَّكن أكثر أهل النار فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال".
قال الطحاوي: فهذا رسول الله ﷺ قد أمر النساء بالصدقات وقبلها منهن ولم ينتظر في ذلك رأي أزواجهن٥.
٦- ما روى الشيخان من حديث زينب امرأة عبد الله أنه قال لها رسول الله ﷺ وامرأة أخرى عندما سألاه هل يجزيهن أن يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن قال: "لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة" ٦.
_________
١ سورة البقرة آية ٢٣٧
٢ شرح معاني الآثار ٤/٣٥٢ ٠
٣ صحيح مسلم ٤/١٧١٧ في السلام باب جواز إرداف المرأة الأجنبية ... حديث ٢١٨٢.
٤ المحلى ٨/٣١١ ٠
٥ شرح معاني الآثار ٤/٣٥٣ ٠
٦ صحيح البخاري مع الفتح ٣/٣٢٨ في الزكاة باب الزكاة على الزوج حديث ١٤٦٦، صحيح مسلم ٢/٦٩٤ في الزكاة باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين حديث ١٠٠٠.
1 / 181