Al-'Uqūda Al-Mufīd Al-Hāwī 'Aqīdat Al-Tawḥīd li-Ṭaḥāwī
النظم المفيد الحاوى عقيدة التوحيد للطحاوى
Türler
النَّظْمُ المُفِيدُ الحَاوِي عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوِي
نَظْم
محْمُود محمَّد محمُود مُرسِي
(أبُو سَريعِ)
1 / 1
الإِهْدَاء:
إِلى كُلِّ مَنْ أشْرَقَتْ في قَلْبِهِ شَمْسُ التوحِيدِ، وَأفَلَ عَنْ أُفُقِهِ نجْمُ الشِّركِ وَالتَّندِيدِ، أهْدِي: النَّظمَ المفِيدَ الحَاوِي عَقيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوِي
أخُوكَ
محمُودٌ أبُوسَريع
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاة وَالسَّلامُ على مَنْ لا نبيَّ بَعْدَهُ، وَبَعْدُ:
فَهَذا هُوَ النَّظمُ المُفِيدُ الحَاوِي عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوي، نَظَمْتُهُ مُبَيِّنًا فِيهِ طَرِيق َالحَقِّ، مُنْتَهِجًا سَبِيلَ أهْلِ الصِّدْقِ، أهْلِ الحَدِيثِ وَالأثَرِ، والفِقهِ في شَرْع الإلهِ وَالنَّظرِ، أهْلِ السُّنَّة وَالجَمَاعَةِ، وَالفِرْقةِ الناجيَةِ المَنْصُورِةِ إلى قيَامِ السَّاعَةِ، مُعْرِضًا عَنِ الطَّرَائق المُخْترَعَةِ، وَالمَذاهِبِ المُبْتدَعَةِ؛ لاعْتِقَادِي أنَّ كُلَّ خَيْرَ في اتِّبَاع مَنْ سَلَفَ، وَأنَّ كُلَّ شَرٍّ في ابتِدَاع مَْن خَلَفَ،
فهَاكها أُرْجُوزةً أَلفيَّةً، ضَمَّنتها العَقِيدَةَ السَّلفيَّة، تُغْنِي بِفَضْل اللهِ مَنْ وَعَاها، مُجْزِئةً للمَرْءِ عَمَّا سِوَاها، فانْظرْ إِلَيها بعَيْن الرِّضَا وَالقبُول، وَلا تَكُنْ بمُعْرضٍ عَمَّا أقُول، وَاللهَ أرْجُو العَوْنَ والتوْفِيقَ، بمَنِّهِ وَيَدْفعَ التَّعْويقَ
الناظم
1 / 3
مُقَدِّمَةُ النَّظْمِ
1 / 4
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم
١ - يَقُولُ رَاجِي رَحْمَةِ السَّمِيعِ ... ذُو العَجْزِ مَحْمُودٌ أبُو سَرِيعِ
٢ - حمْدًا لمنْ قدْ خَصَّنا بالدِّينِ ... وَبِالنَّبيِّ المُصْطَفَى الأَمِينِ
٣ - أَحْمَدُهُ - جَلَّ - عَلى الإنْعَامِ ... بِنِعْمَةِ التَّوْحِيدِ وَالإسْلامِ
٤ - وَأَفضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ ... عَلَى النَّبيِّ المُصْطفى الكَرِيمِ
٥ - ثمَّ الرِّضَا عَنْ صَحْبهِ وآلِهِ ... وَكُلِّ مَنْ سَارُوا عَلى مِنوَالِهِ
٦ - وَبَعْدُ فالتَّوْحِيدُ في الإسْلامِ ... مَنْزِلةً كَذِرْوةِ السَّنامِ
٧ - نَرْقَى بهِ إلى ذُرَا اليَقِينِ ... فكَيْفَ لا يكُونُ أصْلَ الدِّينِ؟
٨ - لأجْلهِ أنْشَأَ ربِّي الخلْقَا ... وَمَا أَرَادَ اللهُ مِنْهُمْ رِزْقَا
٩ - فإنهُ - سُبْحَانهُ - الرَّزَّاقُ ... كمَا هُوَ المُدَبِّرُ الخَلاقُ
١٠ - وَهْوَ سَبيلُ الفَوْز وَالسَّعَادَةْ ... لأنَّهُ الأسَاسُ في العِبَادَةْ
١١ - إذْ إنَّهُ يُصَحِّحُ النَّوَايَا ... وَيَرْفعُ الذُّنُوبَ وَالخَطَايا
١٢ - بِدُونهِ الأعْمَالُ ليْسَتْ تُقبَلُ ... وَلايَصِحُّ مَعْ سِوَاهُ عَمَلُ
١٣ - وَهَذِهِ أُرْجُوزَةٌ مُفِيدَةْ ... ضَمَّنتُها مَسَائِلَ العَقِيدَةْ
١٤ - مُتَّخِذًا عَقِيدَةَ الطَّحَاوِي ... أصْلا أطُوفُ حَولهُ وَآوِي
١٥ - فقَدْ رَوَى فيها عَقِيدةَ السَّلَفْ ... نقِيَّةً كَمَا تلقَّاهَا الخَلَفْ
١٦ - فلَمْ يُكَدِّرْ ابْتِدَاعٌ مَاءَهَا ... أو غَشِيَتْ سُحْبُ الهَوَى سَمَاءَها
١٧ - وَكَيْفَ لا وَالشَّيخُ فِيمَا عَرَضَا ... عَنِ الكَلامِ وَذَوِيهِ أعْرَضَا؟
١٨ - وَاطَّرَحَ الآرَاءَ وَالأوْهَامَا ... وَمَا أَعَارَ أَهْلهَا اهْتِمَامَا
١٩ - وَكَانَ جُلُّ ما عَليْهِ اعْتَمَدَا ... قُرْآنَ ربِّي وَحَديثَ أحْمَدَا
٢٠ - فَجَاءَ مَا بهَا مِنَ النُّقُولِ ... يحْكِي كَلامَ اللهِ وَالرَّسُولِ
1 / 5
٢١ - وَهِيَ في التَّوْحِيدِ وَالإيمَانِ ... دِينُ أبي حَنيفَةَ النُّعْمَانِ
٢٢ - ثمَّ الذِي رَآهُ وَاجْتَبَاهُ ... وَاخْتارَهُ في اللهِ صَاحِباهُ
٢٣ - أَعْني أَبَا يُوسُفَ فَخْرَ المذهَبِ ... مَنْ نُورُهُ جَلَّى ظَلامَ الغَيْهَبِ
٢٤ - ثمَّ الإِمَامَ العَالمَ الربَّاني ... مُحَمَّدَ بْنَ الحَسَنِ الشَّيْباني
٢٥ - وَغَيرَهم مِنْ فقهَاءِ الملَّةِ ... مِنَ الشُّيُوخِ السَّادَةِ الأجِلَّةِ
٢٦ - فكَانَ مَا أحْرَى الذِي قدْ نقَلَهْ ... فِيهَا بأنْ نحْفَظَهُ وَنعْقِلَهْ
٢٧ - نَظَمْتُها مُقَرِّبًا لعِلمِهَا ... مُسَهِّلا لحفْظِها وفَهْمِهَا
٢٨ - كَشَفْتُ عَنْ مَواضِعِ الإبهامِ ... فَاقْتَرَبَ المَعْنى مِنَ الأفْهَامِ
٢٩ - وَزِدْتها فوَائِدًا مُهِمَّةْ ... تكْمِلَةً للأصْلِ أوْ تَتِمَّةْ
٣٠ - حَتى غَدَتْ بفضْل ربِّي جَامِعَةْ ... كُلَّ الأصُولِ والفُرُوع التَّابعَةْ
٣١ - هَذا وَقَدْ ضَمَّنتُها الأدَلَّةْ ... لَكِنَّها كمَا سَتَأْتِي قِلَّةْ
٣٢ - أَسُوقُها بالنَّصِّ إنْ تُوَافي ... تُطَابِقُ الأوْزَانَ وَالقَوافي
٣٣ - وَبَعْضُها تُسَاقُ بالإِشَارَةِ ... إِنْ ضَاقَ نظْمُنا عَنِ العِبَارةِ
٣٤ - وَرُبَّمَا أَحْكِي خِلافًا وَارِدَا ... وَأَدَعُ التَّرْجِيحَ فيهِ عَامِدَا
٣٥ - أَخَافُ أنْ يَكْبُو بهِ حِصَاني ... إِذْ لَسْتُ مِنْ فَوارِسِ المَيْدَانِ
٣٦ - َوَكنْتُ فِيهَا نَاقِلا أمِينَا ... وَلمْ أَكُنْ كالخَائِنِينَ الدِّينَا
٣٧ - فلَمْ أُحَرِّفْ أيَّ مَعْنىً أَوْرَدَهْ ... وَإِنما جَاءَ كَمَا قَدْ قَصَدَهْ
٣٨ - أَيْ لمْ أَكُنْ لقَوْلهِ مُحَرِّفا ... وَلمْ أَكُنْ لِقَصْدِه مُخَالِفَا
٣٩ - حَتَّى الذِي في قَوْلِهِ تَكَرَّرَا ... أَوْرَدْتهُ كمَا أتَى مُكرَّرَا
٤٠ - إِذْ رُبَّما يَكُونُ شَيْخِي أوْرَدَهْ ... لِغَرَضٍ لَهُ كَأَنْ يُؤَكِّدَهْ
٤١ - وَرَغْمَ أنَّ شَيْخَنا مَا نَسَّقا ... وَلمْ يُجَمِّعْ الذِي تَفَرَّقا
٤٢ - فَقَدْ مَشَيْتُ مَشْيَهُ مُرَتِّبَا ... تَرْتيبَهُ وَلمْ أَكُنْ مُعَقِّبَا
1 / 6
٤٣ - لَكِنَّهُ إِنْ خَالَفَ اعْتِقَادَا ... أِسْلافِنَا أَوْسَعْتُهُ انتِقَادَا
٤٤ - مُصَحِّحًا مَا جَاء مِنْ أخْطَاءِ ... لَدَيْهِ مِنْ مَيْلٍ إِلى الإِرْجَاءِ
٤٥ - وَنقلِهِ ألْفَاظَ مَنْ تَكَلَّمَا ... مِمَّا يَكُونُ التَّرْكُ فيهَا أسْلَمَا
٤٦ - وَكُنْتُ في التَّصْحِيحِ ذَا انحِيَازِ ... لابْنِ أبي العِزِّ مَعَ ابْنِ بَازِ
٤٧ - فهَاكَ نظْمًا وَاضِحًا مُفصَّلا ... كأنَّهُ الصَّبَاحُ حِينَ أقْبَلا
٤٨ - قَصَدْتُ فيهِ وَجْهَهُ تعَالى ... وَمَا قَصَدْتُ سُمعَةً أوْ مَالا
٤٩ - محَّضْتُ فيهِ المُسْلِمَ النَّصِيحَةْ ... وَسُقْتُها صَرِيحَة فَصِيحَةْ
٥٠ - سمَّيْتُهُ النَّظمَ المُفِيدَ الحَاوِي ... عَقِيدَةَ التَّوحِيدِ للطَّحَاوِي
٥١ - وَالمُرْتجَى إنْ كُنْتُ مِمَّنْ قَصَّرا ... في نَظْمِها عِنْدَ امْرِئٍ أَنْ أُعْذَرَا
٥٢ - وَأنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ عَنِ الزَّلَلْ ... فقَدْ نَظَمْتُ مَتْنَها عَلَى عَجَلْ
٥٣ - أَضِفْ إليهِ قِلَّةَ البِضَاعَةِ ... ثمَّ قصُورَ البَاعِ في الصِّناعَةِ
٥٤ - وَرَبُّنا المَسْئولُ في الرِّعَايَةِ ... وَالمُسْتعَانُ في بُلُوغِ الغَايَةِ
٥٥ - سَأَلْتُهُ العِصْمَة وَالتوْفِيقَا ... مُذلِّلا لعَبْدِهِ الطَّرِيقَا
1 / 7
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِ الطَّحَاوِي: هَذا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عَلى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ المِلَّةِ: أبي حَنيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثابتٍ الكُوفيِّ، وَأبي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بنِ إبْراهِيمَ الأنصَارِيِّ، وَأبي عَبْدِاللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ، رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعِين، وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ رَبَّ العَالمِينَ، نقُولُ في تَوْحِيدِ اللهِ مُعْتقِدِينَ بتَوْفِيقِ اللهِ: إنَّ اللهَ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لهُ.
٥٦ - قَالَ أبُو جَعْفرٍ الطَّحَاوِي ... اِغْفِرْ لَهُ يا رَبَّنا المَسَاوِي
٥٧ - أَقُولُ غَيْرَ مُنْكِرٍ أوْ جَاحِدْ ... مُعْتَقِدًا أنَّ الإِلَهَ وَاحِدْ
٥٨ - وَأنَّهُ قَدْ جَلَّ عَنْ أنْ يُعْبَدَا ... بالحَقِّ مَعْبُودٌ سِوَاهُ أبَدَا
٥٩ - وَأنَّهُ رَبُّ الوُجُودِ الخَالِقُ ... مُدبِّرُ الأمْرِ المَلِيكُ الرَّازقُ
٦٠ - مُنْفَرِدٌ بالخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ ... وَالملْكِ وَالأرْزَاقِ وَالتَّقْدِيرِ
٦١ - ففِي الأُلُوهِيَّةِ قَدْ توَحَّدَا ... وَفِي الرُّبُوبيَّةِ قدْ تَفَرَّدَا
٦٢ - وَهُوَ أيْضًا وَاحِدٌ فِي الذَّاتِ ... وَوَاحِدُ الأسْمَاءِ والصِّفاتِ
٦٣ - قَدِ انْتَفَى في كُلَّهَا التَّشْريكُ ... فَمَا لَهُ حَقًّا بها شَرِيكُ
٦٤ - وَالعَبْدُ لا يسْتَكْمِلُ التَّوْحِيدَا ... إلا إِذا مَا تَرَكَ التَّنْدِيدَا
٦٥ - وَجَرَّدَ التَّوْحِيدَ للرَّحْمَنِ ... فجَاءَ بالثَّلاثَةِ الأرْكَانِ
٦٦ - يُوَحِّدُ الإِلَهَ مِنْ مَعْبُودِ ... وَفِي الرُّبُوبِيَّةِ للوُجُودِ
٦٧ - وَيُثْبِتُ الأسْماءَ والصِّفاتِ ... مُرَاعِيًا قوَاعِدَ الإِثبَاتِ
٦٨ - وَقِيلَ بَلْ تَوْحِيدُهُ نوْعَانِ ... قَصْدٌ وإِثباتٌ بلا نُكْرَانِ
٦٩ - فأوَّلُ النوْعَيْنِ في إِثبَاتِ ... حَقِيقَةِ الرَّبِّ وَتِلْكَ الذَّاتِ
1 / 8
٧٠ - ثمَّ يَلِي هَذا وُجُوبُ المَعْرِفَةْ ... بمُا لرَبِّنا مِنِ اسْمٍ أوْصِفَةْ
٧١ - تثْبِتُها لهُ مَعَ التَّنْزِيهِ ... لَهُ عَنِ المَثِيلِ وَالشَّبِيهِ
٧٢ - وَذَاكَ تَوْحِيدُ الإِلَهِ في الطَّلَبْ ... وَالْقَصْدِ دُونَ غَيْرهِ فليُجْتَنَبْ
٧٣ - فلا يَكُونُ غَيْرُهُ مَرْجُوَّا ... كَلا وَلا مَسْئُولا اَوْ مَدْعُوَّا
٧٤ - وَذَلِكَ التَّوْحِيدُ في العِبَادَة ... تَضَمَّنَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةْ
٧٥ - وَقالَ قوْمٌ عِنْدَنا التَّوْحِيدُ ... قِسْمَانِ لَيْسَ فِيهمَا تَعْقِيدُ
٧٦ - توْحِيدُهُ - جَلَّ - بأفعَالِ الوَرَى ... كَالنَّذْرِ وَالطَّوَافِ فِي أُمِّ القُرَى
٧٧ - ثمَّ بأَفْعَالِ الإِلَهِ نُفْرِدُهْ ... أَيْضًا فَلا إِشْرَاكَ بَلْ نُوَحِّدُهْ
٧٨ - وَلَيْسَ بيْنَ هَذِهِ الأَصْنَافِ ... وَالحَمْدُ للهِ مِنِ اخْتِلافِ
٧٩ - فكُلُّهَا فِي الاعْتِقَادِ عَائِدَةْ ... إلى أُصُولٍ رَاسِخَاتٍ وَاحِدَةْ
٨٠ - بَلْ كُلُّها جَاءَتْ مِنَ التَّغْيِيرِ ... في اللَّفْظِ وَالتَّنْوِيعِ في التَّعْبِيرِ
1 / 9
فصْلٌ:
في نظْم قوْلِهِ: وَلا شَيْءَ مِثلهُ.
٨١ - وَأنهُ جَلَّ عَنِ الأمْثَالِ ... في الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأفْعَالِ
٨٢ - إيَّاكُمُ أَنْ تضْرِبُوا الأَمْثَالا ... لَهُ فَعْنَهَا اللهُ قَدْ تَعَالى
٨٣ - كَمَثَلُ اللهِ كمِثْلِ البَدْرِ ... أوْ مِثْلُ عِلْمِهِ كمِثْلِ البَحْرِ
٨٤ - وَلا يُقاسُ اللهُ في الأُصُولِ ... قِيَاسَ تمْثِيلٍ وَلا شُمُولِ
٨٥ - إِذْ كَوْنُهُ مُبَايِنًا للنَّاسِ ... يحُولُ دُونَ ذلِكَ القِيَاسِ
٨٦ - فلا يُقاسُ عِلْمُهُ بعِلْمِنا ... وَلا يُقَاسُ حِلْمُهُ بحِلْمِنا
٨٧ - فعِلْمُهُ لَيْسَ لهُ حُدُودُ ... سُبْحَانهُ وعِلْمُنا مَحْدُودُ
٨٨ - وَلا يُقَاسُ اللهُ بالمَوْجُودِ ... مِنْ خَلْقِهِ في صِفَةِ الوُجُودِ
٨٩ - فاللهُ - جَلَّ - وَاجِبُ الوُجُودِ ... لا مُمْكِنٌ كَسَائِر المَوْجُودِ
٩٠ - وَهَكَذا أمَّا قِيَاسُ الأوْلى ... فاسْتعْمَلُوا هَذا بحَقِّ المَوْلى
٩١ - فللإلهِ المَثَلُ الأعْلى كَمَا ... حَكَاهُ في الذِّكْرِ الذِي قَدْ أُحْكِمَا
٩٢ - فاللهُ بالكَمَالِ مَا أوْلاهُ ... ثمَّ لَهُ مِنْ وَصْفِهِ أَعَلاهُ
٩٣ - نَقُولُ في التَّمْثِيلِ إنَّ البَصَرَا ... فِينَا مِنَ الكَمَالِ نحْنُ البَشَرَا
٩٤ - أَلا يَكُونُ مِنْ صِفَاتِ المَوْلى ... مِنْ بَابِ أَوْلى أوْ طَرِيقِ الأَوْلى
٩٥ - ثمَّ كَمَا لا أَحَدٌ يُمَاثِلُهْ ... فَلَيْسَ في الحُقُوقِ مَنْ يُعَادِلُهْ
٩٦ - وَهَلْ تَرَى في الكَوْن مِنْ مَخْلوقِ ... لَهُ الذِي للهِ مِنْ حُقُوقِ؟
٩٧ - أَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ أنْ نَدْعُوَهْ ... أَوْ يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ أنْ نَرْجُوَهْ؟
٩٨ - فلا تَكُنْ مِثْلَ الذِين عَدَلُوا ... بربِّهم - سُبْحَانهُ - أَوْ مَثَّلُوا
1 / 10
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا شيْءَ يُعْجِزُهُ.
٩٩ - وَأنَّهُ لا يُعْجِزُ القَدِيرا ... مِنْ أحَدٍ واسْألْ بِهِ خَبيرا
١٠٠ - وَانْظُرْ أفَاتَ اللهَ مِنْ مَخْلوقِ ... عَصَاهُ أمْ هَلْ كَانَ بالمَسْبُوقِ؟
١٠١ - سُبحَانَ رَبِّي مِنْ قَوِيٍّ قَادِرِ ... سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ عَزِيزٍ قَاهِرِ
١٠٢ - قَدْ أوْجَدَ الكوْنَ بتِلْكَ المَقْدِرَةْ ... وَأحْكَمَ الكَوْنَ بها وَدبَّرَهْ
١٠٣ - بهَا السَّمَاءُ ارْتَفَعَتْ بِلا عَمَدْ ... وَبَسَطَ الأرْضَ عَلَى مَاءٍ جَمَدْ
١٠٤ - بها جَمِيعُ الكَائِناتِ طَائِعَةْ ... مُنْقَادَةٌ لمَا يُرِيدُ خَاضِعَةْ
١٠٥ - فلا تحرُّكٌ وَلا سُكُونُ ... إلا بإذْنِ رَبِّنا يكُونُ
١٠٦ - بها يُقلِّبُ القُلُوبَ صَارِفَا ... لهَا إلى مَا شَاءَ رَبِّي عَاطِفَا
١٠٧ - بها يَقُولُ إنْ أرَادَ أمْرَا ... كُنْ فيَكُونُ عِزَّةً وَقَهْرَا
١٠٨ - بها يَكُونُ نَصْرُ أوْلِيَائِهِ ... وَهُمْ قلِيلُونَ عَلَى أَعْدَائِهِ
١٠٩ - أَحْيَا بها رَبِّي وَقَدْ أمَاتا ... سُبْحَانَهُ وَأَنْبَتَ النَّبَاتَا
١١٠ - وَيبْعَثُ العِبَادَ للحِسَابِ ... بها فَذُو ثوَابٍ اوْ عِقَابِ
1 / 11
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَلا إِلَهَ غيْرُهُ.
١١١ - وَأنَّ ربِّي لا إِلَهَ غَيْرُهُ ... وَأنَّهُ لا خَيْرَ إلا خَيْرُهُ
١١٢ - وَاعْلَمْ بأنَّ العِلْمَ بالتَّوْحِيدِ ... أَوَّلُ مَفْرُوضٍ على العَبِيدِ
١١٣ - وَأنَّ أوْلى ما أرَى اعتِقَادَهْ ... أنْ يَعْرِفُوا مَعَانيَ الشَّهَادَةْ
١١٤ - وَأنْ يكُونُوا مِنْ أُولي الإيمَانِ ... بمَا احْتوَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاني
١١٥ - وَأنْ يَكُونَ النَّاسُ عامِلِينا ... بمُقْتَضَاها مُخْلِصِينَ الدِّينا
١١٦ - فقَوْلُ: لا إلهَ إلا اللهُ ... أيْ أنَّهُ المعْبُودُ لا سِوَاهُ
١١٧ - فمَا لنا بِالحَقِّ مِنْ مَعْبُودِ ... سِوَى الإِلَهِ الحَقِّ في الوُجُودِ
١١٨ - فلْتعْتقِدْ هَذا وَرَبَّكَ اعْبُدَا ... وَلا تخَامِرْكَ الشُّكُوكُ أبَدَا
١١٩ - وَمُقْتَضَى كَلِمَةِ الشَّهَادَةْ ... إِفْرَادُ رَبِّ النَّاسِ بالعِبَادَةْ
١٢٠ - وَنَفَيُ مَا نفَتْهُ مِنْ وُجُودِ ... آلهةٍ سِوَاهُ في الوُجُودِ
١٢١ - فقُمْ وَحَقِّقْ هَذِهِ المَعَاني ... حتَّى تكُونَ مِنْ أُولي الإيمَانِ
١٢٢ - وَلا تخَالِفْ مُقتَضَاهَا ظَاهِرَا ... أوْ بَاطنًا فتسْتَحِيلَ كَافِرَا
١٢٣ - اِحْذَرْ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ... لِغَيْرِ رَبِّي الوَاحِدِ المَعْبُودِ
١٢٤ - لا تَقْرَعِ الأبْوَابَ إلا بَابَهْ ... وَلا تَكُنْ لغَيْرِهِ إِنابَةْ
١٢٥ - لا تَدْعُ غَيرَ اللهِ في خَطْبٍ نَزَلْ ... وَلا تَكُنْ عَلَى سِوَاهُ تتَّكِلْ
١٢٦ - لا تَسْتَغِثْ إلا بِهِ سُبْحَانَهْ ... وَلا تكُنْ بغَيْرِهِ اسْتِعَانَةْ
١٢٧ - وَلا تُسَوِّ أَحَدًا بالرَّبِّ ... في الخَوْفِ وَالرَّجَاءِ ثمَّ الحُبِّ
١٢٨ - وَطمَعٌ في غَيرِهِ وَرَغْبَةْ ... شِرْكٌ كَذَاكَ خَشْيَةٌ وَرَهْبَةْ
١٢٩ - إِذَا اسْتعَذْتَ مِنْ شُرُورِ مَا خَلَقْ ... فَلا يَكُنْ لهَا سِوَى رَبِّ الفَلَقْ
1 / 12
١٣٠ - لا تَسْتَعِذْ إلا برَبِّ النَّاسِ ... مِنْ شَرِّ وَسْوَاسٍ وَمِنْ خَنَّاسِ
١٣١ - إيَّاكَ أنْ تذْبَحَ أوْ أنْ تنْحَرا ... لِغيْرِهِ - سُبْحَانَهُ - فتَخْسَرَا
١٣٢ - وَلا تُقَدِّمْ أبَدًا قُرْبَانَا ... لِغَيْرِهِ فَتَتْبَعَ الشَّيْطَانَا
١٣٣ - ألمْ يُقرِّبْ بَعْضُهُمْ ذُبَابَا ... لِصَنَمٍ فاسْتَوْجَبَ العَذَابَا
١٣٤ - إيَّاكَ أنْ تُقَدِّم النُّذُورَا ... لِغَيرِ مَنْ يُصَرِّفُ الأُمُورَا
١٣٥ - هَذا وَللنَّذْرِ شُرُوطٌ تُرْعَى ... مَنْ ليْسَ يَرْعَاهَا أسَاءَ صُنْعا
١٣٦ - بَلْ لا تُوَفَّى هَذِهِ النُّذُورُ ... مَا لمْ تُرَاعَ تِلْكُمُ الأمُورُ
١٣٧ - وَتِلْكَ أَنْ يَكُونَ نَذْرَ طَاعَةْ ... وَلمْ يُجَاوِزْ حَدَّ الاسْتِطَاعَةْ
١٣٨ - وَلا يَكُونُ في مَكَانٍ يُشْرَكُ ... بِهِ وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْلَكُ
١٣٩ - وَلا يَرَى تأْثِيرَ هَذَا النَّذْرِ ... إنْ يَشْتَرِطْ فيهِ حُصُولَ أمْرِ
١٤٠ - فمِثْلُ هَذا مَا لهُ تأثِيرُ ... وَمَا لهُ تَقْدِيمٌ اوْ تأْخِيرُ
١٤١ - يَسْتَخْرجُ اللهُ بِهِ مِنَ البَخِيلْ ... وَلا يكُونُ غيْرُ ما قضَى الجَلِيلْ
١٤٢ - وَمِنْ هُنا قَدْ كَانَ غَيْرَ مُسْتحَبّْ ... لَكِنَّمَا الوَفَاءُ فِيهِ قَدْ وَجَبْ
١٤٣ - إيَّاكَ أنْ تَذِلَّ أوْ أنْ تخْضَعَا ... لأَحَدٍ سِوَاهُ أَوْ أَنْ تخْشَعَا
١٤٤ - إِيَّاكَ أنْ تَطُوفَ بالقُبُورِ ... وَتَصْرِفَ الطَّوَافَ للمَقْبُورِ
١٤٥ - وَهَكَذَا جَمِيعُ مَا أحَبَّهْ ... رَبُّ الوَرَى مِنْ طَاعَةٍ وَقُرْبَةْ
١٤٦ - فَصَرْفُ مِثْلِ هَذِهِ العِبَادَةْ ... لغَيْرِهِ يُخِلُّ بِالشَّهَادَةْ
١٤٧ - وَكيْفَ لا وَصَرْفُهَا لخلْقِهِ ... تَسْويَةٌ لهُمْ بِهِ في حَقِّهِ؟
١٤٨ - وَهَلْ يكُونُ مَنْ يُسَوِّي أحَدَا ... برَبِّنا فيمَا لهُ قدْ وَحَّدَا؟
١٤٩ - أَلَيْسَ مَنْ سَوَّى به ِ بَعْضَ الوَرَى ... يَكُونُ قَدْ أَشْرَكَ شِرْكًا أكْبَرَا؟
١٥٠ - بَلْ إنَّهُ يَكُونُ مِمَّنْ كَفَرَا ... وَإِنْ يَكُنْ بِ (لا وَإلا) جَهَرَا
١٥١ - فكِلْمَةُ التَّوحِيدِ مَا لمْ تمْنَعِ ... قَائِلَهَا عَنْ شِرْكِهِ لمْ تنْفَعِ
1 / 13
١٥٢ - كَمْ وَاحِدٍ قَدْ قَالهَا وَعُدَّا ... في الشَّرْعِ مُشْرِكًا بهِ مُرْتَدَّا
١٥٣ - فاحْرِصْ على إِعْطاءِ هَذِي الكَلِمَةْ ... حَقًّا لهَا وَلاتكُنْ كالظَّلَمَةْ
١٥٤ - وَحَقُّهَا عِلْمٌ بمِا تَقُولُ ... وَبَعْدَهُ اليَقِينُ وَالقَبُولُ
١٥٥ - وَالانْقِيَادُ أيْ تكُونُ تَابِعَا ... لِكُلِّ مَا تَدْعُو إليهِ طَائِعَا
١٥٦ - وَالصِّدْقُ وَالإخْلاصُ في الأقْوَالِ ... وَسَائِرِ الأعَمَالِ وَالأفعَالِ
١٥٧ - وَحُبُّها ويقْتَضِي الوَلاءَا ... لأهْلِهَا وَللْعِدَا البَرَاءَا
١٥٨ - أَخُوكَ مَنْ للدِّينِ ياهَذا انْتَسَبْ ... لا مَنْ يكُونُ ذا دَمٍ أو ذَا نَسَبْ
١٥٩ - عَدُوُّكَ الكَافِرُ بالإسْلامِ ... وَإنْ يكُنْ مِنْ أقْرَبِ الأَنَامِ
١٦٠ - فهَذِهِ شُرُوطُها إنْ تجْتَمِعْ ... في قَائِلٍ فهْوَ بها سينْتَفِعْ
١٦١ - وَمَا عَسَى تُغْنِي عَنِ الإنْسَانِ ... إِنْ قالهَا فَحَسْبُ بِاللسَانِ
١٦٢ - أنَّى لَكَ النَّجَاةُ يَا مَخْذُولُ ... وَأنْتَ لمْ تعْمَلْ بمَا تَقُولُ؟
1 / 14
فرْعٌ:
وَمِنَ الشِّرْكِ باللهِ اتخَاذُ الوَسَائِطِ بَيْنَ اللهِ وَبيْنَ العِبَادِ.
١٦٣ - اعْلَمْ بِأَنَّ رَبَّنا قَرِيبُ ... مِنَّا وَحَاضِرٌ فلا يَغِيبُ
١٦٤ - أبْوَابُهُ - سُبْحَانَهُ - لا تُغْلقُ ... دُونَ الوَرَى وَكَيفَ وَهْوَ الخَالِقُ؟
١٦٥ - وَمَا عَليْها حَاجِبٌ يَسْتَأْذِنُ ... رَبِّي فيُعْطِي الإِذْنَ أوْ لا يأْذَنُ
١٦٦ - وَاللهُ لمْ يحْتَجْ إِلى وَزَيرِ ... يُعِينُهُ في الحُكْمِ وَالتَّدْبِيرِ
١٦٧ - وَلمْ يُفَوِّضْ أحَدًا أوْ وَكَّلَهْ ... يَكُونُ بَيْننا وَبَيْنهُ صِلَةْ
١٦٨ - يَعْرِضُ أحْوَالَ الوَرَى عَلَيْهِ ... مُبَلِّغًا حَاجَاتِهِمْ إِلَيْهِ
١٦٩ - وَهَلْ يُقاسُ اللهُ بالأنَامِ ... مِنْ سَائِرِ المُلُوكِ وَالحُكَّامِ؟
١٧٠ - وَهَلْ يكُونُ اللهُ مِثْلَ النَّاسِ ... مِنْ عَاجِزٍ أوْجَاهِلٍ أوْ ناسِي؟
١٧١ - أليْسَ يَدْرِي اللهُ مَنْ يَتُوبُ ... وَمَنْ لبَابِ فَضْلِهِ يَئُوبُ؟
١٧٢ - أليْسَ يَدْري اللهُ مَنْ بالبَابِ ... مِنْ غَيرِ أَنْ يَحْتاجَ للحُجَّابِ؟
١٧٣ - أمْ أنهُ يجْهَلُ مَنْ مَدَّ اليَدَا ... إليهِ يدْعُو رَاجيًا منهُ النَّدَى؟
١٧٤ - سُبْحَانَهُ مِنْ صَمَدٍ قَرِيبِ ... وَمِنْ سَمِيعٍ للدُّعَا مُجِيبِ
١٧٥ - وَهُوَ لا تخْفَى عليهِ خَافِيَةْ ... يَعْلَمُ مِنَّا السِّرَّ كالعَلانِيَةْ
١٧٦ - حَاجَاتُنا مَرْفُوعَةٌ إليهِ ... مِنْ غَيْر شَافِعٍ لَنا لَدَيْهِ
١٧٧ - فَهَلْ نقِيمُ بيْننا وَبيْنَهُ ... وَسَائِطًا تُرْجَى وَتُدْعَى دُونَهُ؟
١٧٨ - أَمْ نطْرَحُ الوَليَّ وَالشَّفِيعَا ... مِنْ دُونِهِ فَهْيَ لَهُ جمِيعا؟
١٧٩ - أَليْسَ في الوَسَائِطِ المذْكُورَةْ ... شِرْكٌ كمَا يُعلمُ بالضَّرُورَةْ؟
١٨٠ - أَمَا بها ضَرْبٌ مِنَ القِيَاسِ ... لِرَبَّنَا - سُبْحَانَهُ - بِالنَّاسِ؟
١٨١ - أَمَا بها لِرَبِّنا تَشْبِيهُ ... بِالعَاجِزِينَ أيُّها النَّبِيهُ؟
1 / 15
١٨٢ - أمَا تَعَالى أنْ تكُونَ وَاسِطَةْ ... بَيْنَ الوَرَى وَبَيْنَهُ كَالرَّابِطَةْ؟
١٨٣ - بَلى فليْسَ بيننا مِنْ وَاسِطَةْ ... يَدْعُونها إلا وَكانَتْ سَاقِطَةْ
١٨٤ - مَا ثَمَّ إلا الرُّسْلُ في الإِبْلاغِ ... وَمَا عَلَيْهِمُ سِوَى البَلاغِ
١٨٥ - أَمَّا اتخَاذُ الشُّفعَاءِ عِنْدَهُ ... وَالأوْلِيَاءِ دُونَهَ فرُدَّهُ
١٨٦ - فَلا تَكُنْ مُتَّخِذًا وَلِيَّا ... مِنْ دُونِهِ وَإِنْ يَكُنْ نَبِيَّا
١٨٧ - وَلا تُوَسِّطْ مَنْ يَكُونُ شَافِعَا ... لَدَيْهِ حَتَّى يَجْلِبَ المَنَافِعَا
١٨٨ - لا تَعْتَمِدْ عَلَيْهِ عِنْدَ الشِّدَّةْ ... ليَدْفَعَ البَلاءَ أوْ يَرُدَّهْ
١٨٩ - فَلَيْسَ عَنْ طَريقِ مَيْتٍ تجْلَبُ ... مَنْفَعَةٌ مِنْ رَبِّنا أوْ تطْلَبُ
١٩٠ - وَلَيْسَ عَنْ طَريقِ ميْتٍ يُرفَعُ ... عَنَّا بَلاءٌ نازِلٌ أوْ يُدْفَعُ
١٩١ - افْزَعْ إلى المَوْلى وَقِفْ بالبَابِ ... وَقُلْ لهُ يا رَبَّنا اكْشِفْ مَا بي
١٩٢ - قُمْ ناجِ رَبَّ النَّاسِ إنْ خَطبٌ نزَلْ ... وَلا تنَاجِ غَيْرَهُ ﷿
١٩٣ - فإنَّهُ أقْرَبُ للعَبيدِ ... وَهُوَ في السَّمَا مِنَ الوَرِيدِ
١٩٤ - لا تنْخَدِعْ بمَنْ يُبِيحُ الوَاسِطَةْ ... فَمَا كَلامُهُ سِوَى مُغالَطَةْ
١٩٥ - هَلْ كَانَ في الأَصْنَامِ غَيْرُ مَا في ... هَذِي الوَسَائِطِ مِنَ الأوْصَافِ؟
١٩٦ - ألمْ تَكُنْ تُعْبَدُ حتَّى تَشْفَعَا ... لهُمْ لَدَيْهِ كَيْ يُجِيبَ مَنْ دَعَا
١٩٧ - يَدْعُونها في حَالَةِ السَّرَّاءِ ... وَيكْفُرُونهَا مَعَ الضَّرَّاءِ
١٩٨ - وَهَؤُلاءِ القَوْمُ عِنْدَ البَاسِ ... بالعَكْسِ يَنْسَونَ إِلَهَ النَّاسِ
١٩٩ - وَيسْتَغِيثُونَ بمَنْ إذا دُعِي ... لدَفْعِ ضُرٍّ لمْ يُجِبْ أوْ يسْمَعِ
٢٠٠ - لِكَوْنِهِ قَدْ مَاتَ أوْ لا يقْدِرُ ... عَلَيْهِ إلا القَادِرُ المقْتَدِرُ
٢٠١ - كَقَوْلِهمْ للمُصْطَفَى اكْشِفْ خَطْبي ... وَيَا رَسُولَ اللهِ فَرِّجْ كَرْبي
٢٠٢ - يَدْعُونَهُ بكَاشِفِ الخُطُوبِ ... وَأنَّهُ مُفرِّجُ الكُرُوبِ
٢٠٣ - يَا قَوْمُ إنَّ جَهْلَكُمْ تَنَاهَى ... فَمَنْ يكُونُ ذَاكَ إلا اللهَ
1 / 16
٢٠٤ - سُبْحَانَكَ اللهُمَّ هَذَا إِفْكُ ... سُبْحَانَكَ اللهُمَّ هَذَا شِرْكُ
٢٠٥ - مَنْ يَكْشِفُ الخُطُوبَ إلا اللهُ ... وَمَنْ لنَا فِي كَرْبِنا إِلاهُ؟
٢٠٦ - مَا ذَلِكَ القوْلُ وَالاعْتِقَادُ ... في الدِّينِ إِلا الشِّرْكُ وَالإِلحَادُ
1 / 17
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: قَدِيمٌ بلا ابْتِدَاءٍ، دائِمٌ بلا انْتِهاءٍ.
٢٠٧ - وَرَبُّنَا هُوَ القَدِيمُ البَاقِي ... عِنْدَ أبي جَعْفَرٍ الوَرَّاقِ
٢٠٨ - فلَيْسَ قبْلَ رَبِّنا مَوْجُودُ ... وَلا لِشَيءٍ بعْدَهُ وُجُودُ
٢٠٩ - وَرَغْمَ هَذا مَا لَهُ بِدَايَةْ ... سُبْحَانَهُ كلا وَلا نِهَايَةْ
٢١٠ - فَهُوَ أَوَّلٌ بلا ابْتِدَاءِ ... وَهُوَ آخِرٌ بلا انْتِهاءِ
٢١١ - هَذَا وَينبَغِي هُنا أنْ نذْكُرَا ... أَنَّ بِقَوْلِ الشَّيْخِ أمْرًا مُنْكَرَا
٢١٢ - فَالشَّيْخُ مِثْلُ كُلِّ مَنْ تكَلَّمَا ... عَدَّ القَدِيمَ اسمًا لهُ أَوْ عَلَمَا
٢١٣ - وَذَاكَ لَفْظٌ لا أَرَى أنْ يُطْلَقَا ... عَلَيْهِ مِنْ وَصْفٍ أوِ اسْمٍ مُطْلَقَا
٢١٤ - إِذْ هَذِهِ الأسْمَاءُ توْقِيفِيَّةْ ... سَبِيلُها الأدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةْ
٢١٥ - وَالوَاجِبُ الوَقْفُ على المَنقُولِ ... فِيها وَلا مَجَالَ للعُقُولِ
٢١٦ - بَلْ لا يُسَمَّى اللهُ باشْتِقَاقِ ... لاسْمٍ مِنَ الأفْعَالِ باتِّفَاقِ
٢١٧ - حَتَّى وَلوْ أخْبرَ باسْمِ الفَاعِلِ ... عَنْهُ وَكَانَ النَّقْلُ غَيرَ بَاطِلِ
٢١٨ - وَهَلْ يجُوزُ أنْ يُسمَّى زَارِعَا ... أَوْ أنْ يُسَمَّى مَاكِرًا أَوْ خَادِعَا؟
٢١٩ - ثمَّ اسْمُهُ الأوَّلُ يُغْني عَنْهُ ... إنْ لمْ يَكُنْ في الوَصْفِ بُدٌّ مِنْهُ
٢٢٠ - فَقِفْ أخِي عِنْدَ حُدُودِ النَّقْلِ ... فَالدِّينُ بِالمَنْقُولِ لا بِالعَقْلِ
1 / 18
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: لا يَفْنى وَلا يَبِيدُ.
٢٢١ - وَاللهُ لا يَفْنى وَلا يَبِيدُ ... في حِين يفْنى الخَلْقُ وَالعَبِيدُ
٢٢٢ - فَكُلُّ مَنْ عَلى الوُجُودِ فَانِي ... حَقًّا وَيبْقَى وَجْهُ ذِي الإحْسَانِ
٢٢٣ - إِذ كُلُّ نفْسٍ للوَفَاةِ ذائِقَةْ ... وَلا تَرَى في الكَوْنِ إلا خَالِقَهْ
٢٢٤ - لكِنَّهُ كمَا ابْتَدَا يُعِيدُ ... فرَبُّنا المُبْدِئُ وَالمُعِيدُ
1 / 19
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا يَكُونُ إلا مَا يُريدُ.
٢٢٥ - وَرَبُّنا يفْعَلُ ما يُرِيدُ ... لأنَّهُ ذُو قوَّةٍ شَدِيدُ
٢٢٦ - فإنْ أرَادَ اللهُ أمْرًا أَوْقَعَهْ ... مَنْ يَسْتَطِيعُ دُونَهُ أَنْ يمْنعَهْ؟
٢٢٧ - يَقُولُ للشَيْءِ إذا أرَادَهْ ... كُنْ فَيَكُونُ تَابِعًا مُرَادَهْ
٢٢٨ - وَكُلُّ أمْرٍ لمْ يُرِدْ أنْ يقَعَا ... فإنَّهُ يَكُونُ ممَّا امْتَنَعا
٢٢٩ - فَلا يكُونُ غيْرُ مَا يُرِيدُ ... أرَادَ أَوْ لمْ يُرِدِ العَبِيدُ
٢٣٠ - هَذِي هِيَ الإِرَادَةُ الكَوْنِيَّةْ ... وَلَيْسَتِ الإِرَادَةُ الدِّينِيَّةْ
٢٣١ - وَهَاكَ ما أرَاهُ مِنْ تفْرِيقِ ... بَيْنَهُمَا يُبْنى عَلَى تحْقِيقِ
٢٣٢ - فَسَمِّ بالكَوْنيَّةِ المشْتَمِلَةْ ... على مَشِيئَةِ الإِلَهِ الشَّامِلَةْ
٢٣٣ - أَوْ هِيَ مَا تأْتي بمَعْنى شَاءَا ... كَمَا عَنِ المُحَقِّقِينَ جَاءَا
٢٣٤ - وَمَا كَشَاءَ وَاجِبُ الوُقُوعِ ... لَيْسَ بجَائِزٍ ولا مَمْنُوعِ
٢٣٥ - فَلا يَجُوزُ بَلْ مِنَ المَمْنُوعِ ... أَنْ تَتَخَلَّفَ عَنِ الوُقُوعِ
٢٣٦ - وَمَا المحبَّةُ بهَا مَعْنِيَّةْ ... فَسَمِّهَا الإِرَادَةَ الدِّينِيَّةْ
٢٣٧ - أَوْ هِيَ مَا تضَمَّنَتْ رِضَاهُ ... وَحُبَّ مَا أرَادَ أَوْ قَضَاهُ
٢٣٨ - وَاعْلَمْ بأنَّ حُبَّهُ المُرَادَا ... لا يَقْتَضِي الوُقُوعَ وَالإِيجَادَا
٢٣٩ - بَلْ ذِي لحِكْمَةِ الإِلَهِ تابعَةْ ... لِذَا فَقْدْ تَكُونُ غَيْرَ وَاقِعَةْ
1 / 20