التلويح في كشف حقائق التنقيح

Sa'd al-Din al-Taftazani d. 792 AH
62

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Yayıncı

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Baskı Numarası

١٣٧٧ هـ

Yayın Yılı

١٩٥٧ م

Yayın Yeri

مصر

الْعِلْمُ لَفْظٌ خَاصٌّ بِمَعْنَاهُ فَيُوجِبُ الْحُكْمَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ الْخَاصِّ عَلَى زَيْدٍ. (قَطْعًا) وَسَيَجِيءُ أَنَّهُ يُرَادُ بِالْقَطْعِ مَعْنَيَانِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْمَعْنَى الْأَعَمُّ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ احْتِمَالٌ نَاشِئٌ عَنْ دَلِيلٍ لَا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ احْتِمَالٌ أَصْلًا. (فَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] لَا يُحْمَلُ الْقُرْءُ عَلَى الطُّهْرِ) وَإِلَّا فَإِنْ احْتَسَبَ الطُّهْرَ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ يَجِبُ طُهْرَانِ، وَبَعْضٌ وَإِنْ لَمْ يَحْتَسِبْ تَجِبُ ثَلَاثَةٌ وَبَعْضٌ. اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْءَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ وُضِعَ لِلْحَيْضِ، وَوُضِعَ لِلطُّهْرِ فَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] الْمُرَادُ مِنْ الْقُرْءِ الْحَيْضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالطُّهْرُ عِنْدَ ــ [التلويح] التَّرَبُّصِ بِهِ. (قَوْلُهُ قَطْعًا) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ يَقْطَعُ الِاحْتِمَالَ النَّاشِئَ عَنْ دَلِيلٍ وَسَيَجِيءُ فِي آخِرِ التَّقْسِيمِ الثَّالِثِ أَنَّ الْقَطْعَ يُطْلَقُ عَلَى نَفْيِ الِاحْتِمَالِ أَصْلًا، وَعَلَى نَفْيِ الِاحْتِمَالِ النَّاشِئِ عَنْ دَلِيلٍ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ النَّاشِئَ عَنْ دَلِيلٍ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الِاحْتِمَالِ وَنَقِيضُ الْأَخَصِّ أَعَمُّ مِنْ نَقِيضِ الْأَعَمِّ، فَلِذَا قَالَ: وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْمَعْنَى الْأَعَمُّ. (قَوْلُهُ فَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] بَيَانٌ لِتَفْرِيعَاتٍ عَلَى أَنَّ مُوجِبَ الْخَاصِّ قَطْعِيٌّ تَقْرِيرُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقُرْءَ إنْ حُمِلَ عَلَى الطُّهْرِ بَطَلَ مُوجِبُ الثَّلَاثَةِ إمَّا بِالنُّقْصَانِ مِنْ مَدْلُولِهَا إنْ اُعْتُبِرَ الطُّهْرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَإِمَّا بِالزِّيَادَةِ إنْ لَمْ يُعْتَبَرْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ قِيلَ كِلَاهُمَا جَائِزَانِ. أَمَّا النُّقْصَانُ فَكَمَا فِي إطْلَاقِ الْأَشْهُرِ عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضِ شَهْرٍ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] . وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَيَلْزَمُكُمْ مِنْ حَمْلِ الْقُرْءِ عَلَى الْحَيْضِ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فَالْوَاجِبُ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَبَعْضٌ. أُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخَاصِّ وَأَشْهُرٌ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ عَامٌّ أَوْ وَاسِطَةٌ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ وَجَبَ تَكْمِيلُ الْحَيْضَةِ الْأُولَى بِالرَّابِعَةِ فَوَجَبَتْ بِتَمَامِهَا ضَرُورَةَ أَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَمِثْلُهُ جَائِزٌ فِي الْعِدَّةِ كَمَا فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ فَإِنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ، وَقَدْ جُعِلَتْ قُرْأَيْنِ ضَرُورَةً وَلَيْسَ الْوَاجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ غَيْرَ الطُّهْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَتَأَتَّى لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ وَأَيْضًا الظَّاهِرُ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الطَّلَاقِ الْمَشْرُوعِ الْوَاقِعِ فِي الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِنَظَرِ الشَّرْعِ فِي بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَيُعْرَفُ حُكْمُ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بِدَلَالَةِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ كَأَنَّ قَوْلَهُ وَالطَّلَاقُ الْمَشْرُوعُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ إشَارَةً إلَى هَذَا وَعَلَى أَصْلِ الِاسْتِدْلَالِ مَنْعٌ لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الطُّهْرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ كَانَ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ وَبَعْضًا، بَلْ الْوَاجِبُ بِالشَّرْعِ لَا يَكُونُ إلَّا الْأَطْهَارَ الثَّلَاثَةَ الْكَامِلَةَ، وَيَلْزَمُ مُضِيُّ الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ بِالضَّرُورَةِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِمَّا وَجَبَ بِالْعِدَّةِ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ الشَّافِعِيَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كَامِلَةٍ غَيْرِ مَا وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ نَعَمْ يُفِيدُ أَبَا حَنِيفَةَ ﵀ فِي دَفْعِ مَا يُورَدُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ بِوُجُوبِ ثَلَاثَةِ

1 / 63