Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
Yayıncı
دار الفكر العربي
Baskı
الثانية
Yayın Yılı
1398 AH
مصيره، ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول إذا أفلس الرجل، وقد باعه رجل سلعة، فتقاضى طائفة من ثمنها، أو أنفق المشتري طائفة منها أنه يأخذ ما وجد من متاعه، وكان الناس على أن البائع إذا تقاضى من ثمنها شيئاً، أو أنفق المشتري منها شيئاً فليست بعينها.
ومن ذلك أنك تذكر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يعط الزبير بن العوام إلا الفرس واحد، والناس كلهم يحدثون أنه أعطاه أربعة أسهم لفرسين، ومنعه الفرس الثالث، والأمة كلها على هذا الحديث، أهل الشام وأهل مصر وأهل العراق، وأهل أفريقية، لا يختلف فيه اثنان، فلم يكن ينبغي لك، وإن كنت سمعته من رجل مرضي - أن تخالف الأمة أجمعين.
وقد تركت أشياء كثيرة من أشباه هذا، وأنا أحب توفيق الله إياك، وطول بقائك، لما أرجو للناس في ذلك من المنفعة، وما أخاف من الضيعة إذا ذهب مثلك؛ مع استئناسي بمكانك، وإن نأت الدار، فهذه منزلتك عندي، ورأيي فيك فاستيقنه، لا تترك الكتاب إلا يخبرك وحالك وحال ولدك وأهلك، وحاجة إن كانت لك، أو لأحد يوصل به، فإني أسر بذلك.
كتبت إليك، ونحن صالحون معافون، والحمد لله نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكر ما أولانا، وتمام ما أنعم به علينا. والسلام عليك ورحمة الله.
ومن هذا الكتاب يتبين لك أمران: (أحدهما) أن الجدل بين الفقهاء كان يجري في كل مسائل الفقه المتشعبة، وأن ذلك الجدل كان يسوده طلب الحقيقة لا التعصب للرأي، ولذلك سادته نزاهة القول، ورفق الخطاب وهدوء النفس، لأن شرف الغاية ملأها، فبعد الهوى، والغضب، والحدة، وجفاء القول يكون حيث يخالط الرأي الهوى، فتختفي الحقائق وسط زوابع من الأحاسيس المتضاربة، والأهواء المتنازعة، والأثرة التي لا تألف الحق ولا يألفها.
(م ٥ - الشافعي)
65