Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
Türler
بعض الأدلة التي تشير إلى خلافة الصديق
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على ذكرك، اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فمع الدرس العاشر من دروس الصديق ﵁ وأرضاه، في الدرس السابق تحدثنا عن المبررات التي من أجلها أجمع الصحابة هذا الإجماع الفريد على اختيار الصديق خليفة للمسلمين، وذكرنا أنه ﵁ كان أفضل الصحابة على الإطلاق بشهادة الرسول ﷺ وبشهادة جميع الصحابة، وذكرنا شروط الخليفة في الإسلام، وكيف أنها تواترت أعظم ما تكون في الصديق ﵁ وأرضاه.
وذكرنا كيف فاق غيره في الشجاعة، وكيف فاق غيره في العلم، وكيف فاق غيره في حسن الرأي، وكيف فاق غيره في العدالة وهكذا.
وكان الصديق ﵁ وأرضاه بحق هو الرجل المناسب في المكان المناسب.
إذًا: كما ذكرنا في الدرس السابق فإن العقل والحكمة والمنطق كل ذلك كان يؤيد اختيار الصديق دون غيره من الصحابة ليكون خليفة المسلمين بعد رسول الله ﷺ، وفوق كل ما سبق فإنه كانت هناك رغبة حقيقية من رسول الله ﷺ في استخلاف الصديق ﵁ وأرضاه.
وظهرت هذه الرغبة في أحاديث كثيرة، وفي مواقف متعددة، من ذلك: ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين باب إلا سد إلا باب أبي بكر)، والصحابة كانت تفتح لهم أبواب إلى المسجد النبوي الشريف، فالرسول ﵊ أمر أن تسد جميع الأبواب إلا باب أبي بكر فقط.
قال العلماء: هذه إشارة إلى الخلافة؛ لأنه يخرج منه إلى الصلاة بالمسلمين كما كان يفعل ﷺ يخرج من بيته للصلاة بالمسلمين، وكذلك سيفعل أبو بكر الصديق ﵁ وأرضاه، وقد ورد لفظ آخر يزيد الأمر وضوحًا وهو: (سدوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبي بكر)، أخرج هذا اللفظ الترمذي عن عائشة ﵂ والطبراني عن معاوية والبزار عن أنس ﵃ أجمعين.
وأخرج البخاري ومسلم عن جبير بن مطعم ﵁ قال: (أتت امرأة إلى النبي ﷺ فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ كأنها تقول: الموت، فقال ﷺ: إن لم تجديني فأتي أبا بكر).
قال الشافعي تعليقًا على هذا الحديث: في هذا الحديث الدليل على أن الخليفة بعد رسول الله ﷺ هو أبو بكر الصديق ﵁ وأرضاه.
وفي حديث آخر أخرجه الحاكم وصححه عن أنس ﵁ قال: (بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله ﷺ أن سله: إلى من ندفع صدقاتنا بعدك؟ فأتيته فسألته فقال: إلى أبي بكر).
هذا الحديث يكاد يكون صريحًا؛ لأن الذي يأخذ الصدقات هو الخليفة.
وأيضًا أخرج مسلم عن عائشة ﵂ قالت: (قال لي رسول الله ﷺ في مرضه -أي: في مرض الموت الأخير-: ادعي لي أبا بكر وأخاك - عبد الرحمن - حتى أكتب كتابًا؛ فإني أخاف أن يتمنى متمن) أي: أخاف أن يطالب بالخلافة أحد من المسلمين، (ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)، فهذا فيه تصريح أشد من رسول ﷺ.
يقول ابن تيمية ﵀ في منهاج السنة: هذا قد يعتبر نصًا جليًا في استخلاف أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه.
لكن لماذا لم يكتب رسول الله ﷺ كتابًا؟ القصة هذه توضحها رواية أخرى جاءت في مسند الإمام أحمد بن حنبل ﵀، روى أحمد وغيره عن عائشة ﵂ أنها قالت: (قال لي رسول الله صلى الله عليه
10 / 2