الرسالة العرشية
الرسالة العرشية
Yayıncı
المطبعة السلفية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1399 AH
Yayın Yeri
القاهرة
Türler
İnançlar ve Mezhepler
الْجِهَةِ الَّتِي هِيَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ الْكُرِّيَّةِ، كَمَا أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ الْمَوْضُوعَ لِلْأَنَامِ فَوْقَ نِصْفِ الْأَرْضِ الْكُرِّيِّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَادِيرِ الَّتِي يُقَدَّرُ فِيهَا أَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ مَا سِوَاهُ وَلَيْسَ كُرِّيَّ الشَّكْلِ، فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا نَتَوَجَّهُ إلَى اللَّهِ إلَّا إلَى الْعُلُوِّ لَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْجِهَاتِ.
فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّوَجُّهُ إلَى اللَّهِ إلَّا إلَى الْعُلُوِّ، مَعَ كَوْنِهِ عَلَى عَرْشِهِ مُبَايِنًا لِخَلْقِهِ، وَسَوَاءٌ قُدِّرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يُحِيطُ بِهَا إذَا كَانَتْ فِي قَبْضَتِهِ أَوْ قُدِّرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ فَوْقَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْبِضَهَا وَيُحِيطَ بِهَا، فَهُوَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ فَوْقَهَا مُبَايِنًا لَهَا، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي الْخَالِقِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي الْعَرْشِ، لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْذُورِ وَالتَّنَاقُضِ، وَهَذَا يُزِيلُ كُلَّ شُبْهَةٍ، وَإِنَّمَا تَنْشَأُ الشُّبْهَةُ فِي اعْتِقَادَيْنِ فَاسِدَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُظَنَّ أَنَّ الْعَرْشَ إذَا كَانَ كُرِّيًّا وَاَللَّهُ فَوْقَهُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ كُرِّيًّا، ثُمَّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُرِّيًّا فَيَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَى مَا هُوَ كُرِّيٌّ كَالْفَلَكِ التَّاسِعِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الِاعْتِقَادَيْنِ خَطَأٌ وَضَلَالٌ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَمَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَرْشَ كُرِّيٌّ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ التَّاسِعَ أَوْ غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ مُشَابِهٌ لِلْأَفْلَاكِ فِي أَشْكَالِهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ مُشَابِهٌ لَهَا فِي أَقْدَارِهَا، وَلَا فِي صِفَاتِهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا بَلْ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْمَخْلُوقَاتُ عِنْدَهُ
1 / 37