الرد على التعقيب الحثيث للشيخ عبد الله الحبشي
الرد على التعقيب الحثيث للشيخ عبد الله الحبشي
Yayıncı
مطبعة الترقي
Yayın Yeri
دمشق - سوريا
Türler
(إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطُّهور والدعاء) (١).
والاعتداء لا يجوز شرعًا فثبت أنه لا يجوز الزيادة في الماء وضوءًا وغُسلًا على ما حدده الرسول ﷺ، وبهذا يسقط من عين الاعتبار تساؤل الشيخ المستنكر في قوله:
"وأغلب الناس اليوم يأخذون لوضوئهم أكثر من هذا القدر بكثير، فهل نجعل كل من لا يقتصر في وضوئه على المد وفي غسله على الصاع مخالفًا لهديه ﷺ؟ ! "!
وكيف لا يكون من زاد على هديه ﷺ مخالفًا وليس وراء هديه ﵊ إلا الضلال، ولهذا ذهب الشافعية وغيرهم إلى ذم الإسراف في الماء في الوضوء والغسل، وسبق ما نقله البخاري عن أهل العلم في كراهة ذلك، بل ذهب بعض الشافعية مثل البغوي وغيره إلى أنه حرام (٢). وهذا أقرب إلى ظاهر حديث الاعتداء في الطهور المتقدم آنفًا.
وإذا تبين للقراء الكرام هذان القسمان من عبادته ﵊ فقد آن أن نتساءل هل التسبيح بالأنامل بدخل في القسم الأول أم الثاني؟
أما نحن فلا شك أنه من القسم الثاني ولكونه الوارد من فعله ﷺ وقوله" كما قال فضيلة الشيخ نفسه! ولم يأت عنه ﷺ ما يدل على مشروعية خلافه وفضيلته حق بكون العمل به سائغًا مع ترك الأفضل، وعبارة الشيخ التي نحن في صدد الرد عليها صريحة في أن التسبيح بالسبحة له فضيلة ولكن التسبيح بالأنامل أفضل، ولذلك فنحن نطالبه الدليل الشرعي على هذه الفضيلة، وليس لديه إلا هذا الحديث (نعم المذكر السبحة) وهو عندي موضوع، وعند الشيخ ضعيف، فلا يجوز الاستدلال به على كل حال، وأما قياس السبحة على التسبيح بالحصى فقياس مع الفارق، لأن المفاسد التي تنشأ عادة من استعمال السبحة كالرياء والاشتغال بها عن رد السلام كما كنا أشرنا إليه في "المقال" لا تحصل في التسبيح بالحصي، فاختلف المقيس والمقيس عليه، هذا لو صح النسبيح بالحصى عنه ﷺ، وليس بصحيح كما كنا بيناه في "المقال" المشار إليه وسنزيده بيانًا ههنا إن شاء الله.
ومن عجيب أمر الشيخ أنه يصرح (ص ١٥) أن العقد باليمين هو "الوارد من فعله ﷺ وقوله" ويشير بـ "وقوله" إلى حديث يُسَيْرة مرفوعًا:
_________
(١) وهو حديث صحيح كما قال الحاكم والنووي وابن حجر.
(٢) ذكره النووي في "المجموع شرح المهذب" (٢/ ١٩٠).
1 / 12