القول المحكم العلي في تحقيق الفرائض على المذهب الحنبلي

القول المحكم العلي في تحقيق الفرائض على المذهب الحنبلي

القول المحكم العلي

في تحقيق الفرائض

على المذهب الحنبلي

1

-

2

القول المحكم العلي

في تحقيق الفرائض

على المذهب الحنبلي

تأليف

خالد بن سالم بن سعيد باوزير

أبي مُعاذ

3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

4

مقدمة الكتاب

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن علم الفرائض من أجل علوم الشريعة قدرًا، وأشرفها وأعلاها مكانةً، وألصقها بحياة الناس وحاجتهم، وحسبه شرفًا أن الله قد تكفل بقسمة الفرائض وحده، فلم يكل قسمتها إلى نبي مرسل، ولا إلى ملك مقرب، وبين قسمتها في كتابه أحسن بيان وأوضحه، وإنما يشرف العلم بشرف متعلقه، وقد كانت لي عناية بهذا العلم منذ زمن، إذ إني أشربت حبه، فعكفت على دراسته عند ذوي الاختصاص، ووفقني الله تعالى بعد ذلك لتعليمه لمن يرغب في تعلمه من طلبة العلم، ثم ألح علي بعض الإخوة الفضلاء بأن أكتب في هذا العلم، فاعتذرت لكثرة الكتب في هذا الفن، إلا أنني بعد ذلك رأيت أن أضع دروسا على ملتقى فقه المواريث وقسمة التركات -والذي شرفت بأن أكون قيما عليه زمنًا- تكون على مذهب الأئمة الحنابلة، وفعلا وضعت تلك الدروس، وتوسعت فيها قليلا، واقتصرت على القول المعتمد عند متأخري الأصحاب، وقد فرغت منها في غضون عامين تقريبا، وبقيت هذه الدروس سبع سنوات تقريبا حبيسة الملتقى، فألح علي أيضا بعض الفضلاء من طلبة العلم أن أجمع هذه الدروس في ملف حتى لا تفقد، وفعلا جمعتها في ملف، ثم أعدت قراءتها، فرأيت أنها تحتاج إلى تنقيح، حتى تكون صالحة لأن

5

تكون كتابا، فنقحتها بعد عرضها على ذوي الاختصاص، وتوخَّيت فيها سهولة العبارة ووضوح المقصد، وأكثرت من ذكر المُثُل وشرحها، سعيًا في تقريب الأمر للراغب، وتيسير الفهم له، وتعبيد الطريق أمامه، وحرَصتُ أن تكون جامعة لشتات المسائل في مذهبنا على وجه أدنى إلى رغبات هذا العصر، راجيًا بذلك أن أكون قد قربت بها بعيدا، وقنصت بها شاردا.

وقد سلكت في هذا الكتاب المنهج الآتي:

  1. عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها من كتاب الله تعالى.

  2. عزو الأحاديث إلى مظانها من كتب السنة، فإن كان في الصحيحين أو أحدهما اقتصرت عليه، إلا أن يكون اللفظ الذي فيه الشاهد عند غيرهما فأعزو إليه أيضًا.

  3. الاقتصار على تخريج الأحاديث دون التعرض للحكم عليها، لأن المقصود هو بيان دليل المسألة عند الأصحاب.

  4. توثيق المادة العلمية من المصادر والمراجع التي استقيت منها، وقد حرصت أن تكون من الكتب المتقدمة، إلا ما دعت الحاجة إلى نقله من الكتب المعاصرة في هذا الفن، لا سيما كتاب الفرائض لللاحم، حيث أكثرت النقل منه في مبحثي الحساب والمسائل المركبة، لأنه فصلها بطريقة ميسرة وواضحة متلائمة مع رغبات العصر.

  5. الأصل الاقتصار في العزو على كتاب متقدم، إلا إذا كانت العبارة في الكتاب المعاصر أوضح وأصرح وأقرب إلى إيصال المقصود وأحسن ترتيبا وتقسيما، فإنني أعزو إليه أيضا، وإنما ذكرت هذا، لأنك قد تجد عزوا لکتاب متقدم ومعه كتاب معاصر، فالعلة هي ما ذكرت لك.

  6. الاقتصار علی ذکر المرجع دون ذکر مؤلفه إن كان قد عرف به، وإلا ذكرت

6

اسم المؤلف، وقد يكون معروفا بكتابه إلا أنه يشترك معه في اسم الكتاب أكثر من مؤلف، فلذا أنص على اسمه حينئذ.

٧-لا يلزم أن يكون العزو إلى كتاب معين بنفس لفظ الكتاب، فقد يكون بالمعنى، لكن أصل المعلومة هي من الكتاب المعزو إليه.

٨-ما لم أعزه من المادة العلمية فهو إما من صياغتي، أو مما أفدته من شيخي الفرضي الفقيه الحنبلي هشام بن محمد البسام حينما كنت أدرس عليه هذا الفن، أو من غيره ممن أفدت منهم، أو مما لا يفتقر في نظري - إلى عزو.

٩-وضعتُ تمارين عملية ومسائل تطبيقية بعد كل مطلب ومبحث لترسخ المعلومة لدى الدارس.

١٠-لم أضع فهارس للمصادر والمراجع اكتفاء بتوثيقها في الحاشية.

١١-وضعت فهارس لمحتوى الكتاب، كي يسهل الرجوع إلى المطلوب.

وأخيرًا؛ فإنني أحمد الله جل وعلا وأشكره على ما من به علي من تعلم هذا العلم وتعليمه وأن علمني ما لم أكن أعلم، فأسأله جل وعلا أن يوزعني شكر نعمته التي أنعم بها علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا يرضاه وأن يصلح لي في ذريتي، كما أسألهصلى الله عليه وسلم بمنه وكرمه وجوده أن يجعل لهذا الكتاب قبولا عند خلقه، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وألا يجعل للشيطان ولا لأحد من العالمين فيه حظا ولا نصيبا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ثم أشكر مشايخي الذين جعل الله تعالى لهم فضلا علي بتعليمي هذا العلم، وعلى رأسهم:

١-شيخي المقرئ الفرضي المربي / محمد بن محمود الشنقيطي - حفظه الله تعالى -.

٢-شيخي الفرضي الفقيه الحنبلي / هشام بن محمد البسام - حفظه الله تعالى -.

7

٣- شيخي الفرضي / شكيب بن تقي الدين الهلالي -رحمه الله تعالى -.

٤- شيخي الفرضي / أبو بشير عوض ابن حمدين -حفظه الله تعالى -.

كما أخص بالشكر أخي وشيخي الفرضي الدكتور/ بندر بن عايض العتيبي، إذ إنه أجازني في هذا العلم إجازة على المذهب وإجازة على المذاهب الأربعة، أسأل الله تعالى أن لا يحرمه الأجر والثواب.

والشكر موصول لكل من أفادني بملحوظاته القيمة النفيسة حتى اكتمل الكتاب ووصل إلى ما وصل إليه، ولو أنهم لم ينهوني عن ذكر أسمائهم لذكرتها، لكن حسبهم أن الله تعالى يعلمهم، فأسأله سبحانه أن يضاعف لهم الأجر والثواب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتبه

خالد بن علي بن محمد بن زيد

بتاريخ: ٢٦ / ١٠ / ١٤٤٤

من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

8

خطة الكتاب

وقد قسّمتُه إلى مدخل، وثلاثة فصول:

المدخل: وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: الآيات والأحاديث المتعلقة بعلم الفرائض.

المطلب الثاني: مبادئ علم الفرائض.

المطلب الثالث: أهم المصطلحات في علم الفرائض.

المطلب الرابع: ضوابط في علم الفرائض.

الفصل الأول: متعلقات الإرث، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: الحقوق المتعلقة بالتركة.

المبحث الثاني: أركان الإرث.

المبحث الثالث: شروط الإرث.

المبحث الرابع: أسباب الإرث.

المبحث الخامس: موانع الإرث.

الفصل الثاني: أصول الفرائض: وفيه ستة مباحث:

المبحث الأول: الوارثون وفروضهم، وفيه أربعة مطالب:

9

المطلب الأول: الوارثون من الذكور.

المطلب الثاني: الوارثات من الإناث.

المطلب الثالث: أصناف الورثة.

المطلب الرابع: الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى.

المبحث الثاني: بيان أصحاب الفروض، وفيه ستة مطالب:

المطلب الأول: صحاب النصف.

المطلب الثاني: أصحاب الربع.

المطلب الثالث: أصحاب الثمن.

المطلب الرابع: أصحاب الثلثين.

المطلب الخامس: أصحاب الثلث.

المطلب السادس: أصحاب السدس.

المبحث الثالث: التعصيب، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: العصبة بالنفس وبيان جهاتهم.

المطلب الثاني: العصبة بالغير.

المطلب الثالث:العصبة مع الغير.

المبحث الرابع: الحجب، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: أنواع الحجب الرئيسة.

المطلب الثاني: حجب الحرمان.

المطلب الثالث: حجب النقصان.

المبحث الخامس: حساب المواريث، وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: النسب الأربع.

10

المطلب الثاني: التأصيل.

المطلب الثالث: أصول المسائل.

المطلب الرابع: العول.

المطلب الخامس: التصحيح والانكسار.

المبحث السادس: مسائل ذات وضع خاص، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: العمريتان.

المطلب الثاني: القريب المبارك وغير المبارك.

المطلب الثالث: المشرَّكة.

الفصل الثالث: اللواحق، وفيه أحد عشر مبحثًا:

المبحث الأول: ميراث الإخوة مع الجد.

المبحث الثاني: المناسخات.

المبحث الثالث: الغرقى ومن عَمِيَ موتهم.

المبحث الرابع: الرد.

المبحث الخامس: الخنثى المشكل.

المبحث السادس: الحمل.

المبحث السابع: المفقود.

المبحث الثامن: ميراث ذوي الأرحام.

المبحث التاسع: الولاء.

المبحث العاشر: المبعض.

المبحث الحادي عشر: قسمة التركات.

11

-

12

المدخل

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: الآيات والأحاديث المتعلقة بعلم الفرائض.

المطلب الثاني: مبادئ علم الفرائض.

المطلب الثالث: أهم المصطلحات في علم الفرائض.

المطلب الرابع: ضوابط في علم الفرائض.

13

-

14

المطلب الأول

آيات الفرائض

آيات الفرائض التي ذكرها الله تعالى نصًّا في المواريث، ثلاث:

الأولى : في ميراث الأولاد، والأبوين.

الثانية : في ميراث الزوجين، والإخوة والأخوات لأم.

الثالثة : في ميراث الإخوة والأخوات لغير أم.

ميراث الأولاد.

قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾(١).

ميراث الأبوين.

قال تعالى: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾(٢).

(١) سورة النساء - الآية:١١.

(٢) سورة النساء - الآية:١١.

15

ميراث الزوجين.

قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِّنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾(١).

ميراث الإخوة والأخوات لأم.

قال تعالى: ﴿وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُّ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِّ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِّ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾(٢).

وهذه الآية نزلت في فصل الشتاء، والمراد بها: الإخوة والأخوات من أم إجماعًا.

ميراث الإخوة والأخوات لغير أم.

قال تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِّ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(٣).

وهذه الآية نزلت في فصل الصيف، والمراد بها: الإخوة والأخوات لغير أم إجماعًا.

(١) سورة النساء - الآية: ١٢.

(٢) سورة النساء - الآية: ١٢.

(٣) سورة النساء - الآية: ١٧٦.

16

معنى الكلالة.

الكلالة: من لا ولد له ولا والد(١).

والمراد بـ(الولد) في آية الكلالة الأولى: ما يشمل الذكر والأنثى. وأما آية الصيف التي نزلت في الإخوة لغير أم، فإن الولد إن كان ذكرا: أسقط جميع الإخوة والأخوات. وإن كان أنثى: فلا يفرض للأخت فأكثر النصف أو الثلثان، بل يرث الإخوة والأخوات بالتعصيب، إما بالنفس أو بالغير أو مع الغير.

والمراد بـ(الوالد) في آيتي الكلالة: الأب والجد، دون الأم والجدة إجماعًا.

***

(١) انظر مفردات ألفاظ القرآن ص١١٩ و ٧٢٠ - ط دار القلم.

17

ذكر طرف من أحاديث الفرائض

إرث البنتين الثلثين.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا، وَلَا تُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ. فَقَالَ: يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى عَمِّهِمَا فَقَالَ: (أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدِ الثُّلُثَيْنِ، وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ)(١).

إرث الجدة السدس.

عن ابن بريدة عن أبيه: أن النبي ﷺ جَعَلَ للجَدَّة السُّدُسَ، إذا لم يَكُن دُونَهَا أُمٌّ(٢).

إرث بنت الابن السدس تكملة الثلثين وكون الأخوات عصبة مع البنات.

عن هُزيل بن شُرَحْبِيل قالَ: سُئِلَ أبو مُوسَى عن بِنْتٍ، وَابْنَةِ ابْنٍ، وأُخْتٍ، فَقالَ: لِلْبِنْتِ النَّصْفُ، ولِلْأُخْتِ النَّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَسَيُتَابِعُنِي. فَسُئِلَ ابنُ مَسْعُودٍ، وأُخْبِرَ بقَوْلِ أبِي مُوسَى، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذَنْ وما أنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا

(١) رواه أحمد (١٤٨٤٠)، والترمذي (٢٠٩٢) واللفظ له، وابن ماجه (٢٧٢٠).
(٢) رواه أبو داود (٢٨٩٥)، والنسائي في الكبرى (٦٣٠٤).

18

بما قَضَى النَّبِيُّ ﷺ: لِلإِبْنَةِ النَّصْفُ، ولِإِبْنَةِ ابْنِ السُّدُسُ؛ تَكْمِلَةَ الثّلُثَيْنِ، وما بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ. فَأَتَيْنَا أَبًا مُوسَى فأخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابنِ مَسْعُودٍ، فَقالَ: لا تَسْأَلُونِي ما دَامَ هذا الحَبْرُ فِیکُمْ(١).

ميراث العاصب بالنفس.

عن ابنِ عَباس عن النَّبيِ ﷺ قالَ: ((ألحِقوا الفرائضَ بأهلها، فما تركتِ الفرائضُ فلأَولَى رَجُلٍ ذَكَرٍ))(٢). ومفهوم هذا الحديث: أن غير الذكر لا يستحق الباقي، لكنه مخصوص بالنص الدال على أن المعتقة والعصبة بالغير ومع الغير تستحق الباقي.

***

(١) رواه البخاري (٦٧٣٦)، وأحمد (٤١٩٥) واللفظ له.
(٢) رواه البخاري (٦٧٤٦)، ومسلم (١٦١٥).

19

المطلب الثاني

مبادئ علم الفرائض

المبادئ لغة: جمع مبدأ، والمبدأ من حيث الصناعة الصرفية اسم مكان البداية، والبداية لغة: الشروع في الشيء، ويقال في حد مبادئ العلم في الاصطلاح: هي جملة المعارف المراد تحصيلها عند الشروع في الفن.

ومبادئ العلوم عشرة، جمعها محمد بن علي الصبَّان المكي-رحمه الله تعالی-بقوله:

إن مبادي كل علم عشره

الحدُّ والموضوعُ ثم الثمره
ونسبة وفضلهُ والواضغْ
والاسمُ الاستمدادُ حكمُ الشارعْ
مسائل والبعضُ بالبعضِ اكتفى
ومَنْ درى الجميعَ حازَ الشَّرفَا

أولاً: حدُّه.

علم الفرائض: هو علم بأصول مأخوذة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، يعرف بها أحوال الورثة، ومن يرث ومن لا يرث، وكيفية ميراثهم من التركة.

وقد عرف بتعريفات أخرى، ولكن لعل هذا أشملها وأحسنها.

20