30

The Jurisprudential Rules and Principles in Imam Al-Shafi'i's Book 'Al-Umm'

القواعد والضوابط الفقهية في كتاب الأم للإمام الشافعي

Yayıncı

دار التدمرية

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

1429 AH

Yayın Yeri

الرياض

يؤوب بين الحين والحين إلى مكة منشئه وموطن أجداده، وفيها أمه العاقلة التي ما تنفك تنصح له وتحسن توجيهه.

والظاهر أن الشافعي مدة إقامته بالمدينة لم يأخذ عن مالك الموطأ فقط، فقد قرأ الموطأ من حفظه في أيام يسيرة، بل أخذ كل ما عند مالك من حديث وفقه واجتهاد، وفتاوى عن الصحابة والتابعين، وما بناه عليه من عمل أهل المدينة، كما أنه لم يقتصر على ما عند مالك فحسب، بل لم يدع شيخاً من شيوخ المدينة إلا أخذ عنه وجمع علمه (١).

رحلته إلى اليمن:

خرج الشافعي إلى اليمن بعد وفاة مالك، قال - رحمه الله -: «لَمّا مات مالك كنت فقيراً، فاتفق أنّ والي اليمن قدم المدينة، فكلّمه بعض القرشيين في أنْ أصحبه، فذهبت معه واستعملني في أعمال كثيرة، وحمدت فيها، والناس أثنوا عليّ» (٢).

وارتفع شأن الشافعي في اليمن «ثم إن الحساد سعوا به إلى هارون الرشيد (٣)، وكان باليمن واحد من قواده، فكتب إليه يخوّفه من العلويين، وذكر في كتابه أن معهم رجلاً يقال له: محمد بن إدريس الشافعي، يعمل بلسانه ما لا يقدر المقاتل عليه بسيف، فإن أردت أن تبقى الحجاز عليك فاحملهم إليك، فبعث الرشيد إلى اليمن، وحملوا الشافعي مع العلوية إلى العراق» (٤).

ولم ينقطع الشافعي مدة إقامته باليمن عن العلم، بل لقد أخذ في هذه المدة عن

(١) انظر: معجم الأدباء ١٧ / ٢٨٣.

(٢) مناقب الشافعي للفخر الرازي ١٠.

(٣) هو: هارون الرشيد بن محمد المهدي، خامس خلفاء الدولة العباسية وأشهرهم، كان عالماً بالأدب وأخبار العرب والحديث والفقه، ولد سنة ١٤٨ هـ ومات سنة ١٩٣ هـ. انظر: تاريخ بغداد ٥/١٤، الكامل لابن الأثير ١٠٦/٦، شذرات الذهب ٣٣٤/١.

(٤) مناقب الشافعي للفخر الرازي ١٠.

28