والمذهب الثاني. أن طلاقه لا يصح وهو مذهب الجمهور، الحنفية (٢٧) والشافعية (٢٨) والمالكية (٢٩) وهو مذهب جماهير التابعين، وقول أهل العراق وأهل الحجاز(٣٠) والرواية الثانية عن أحمد رضي الله عنه، لكن المذهب عند الحنابلة هو ما سبق (٣١) استدل الفريق الأول بقوله صلى الله عليه وسلم ((الطلاق لمن أخذ بالساق))(٣٢) وقوله ((كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه)»: المغلوب على عقله (٣٣).
ولأنه طلاق من عاقل صادف محله فوقع كطلاق البالغ.
واستدل الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم : ((رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم))(٣٤) ولأنه غير مكلف فلم يقع طلاقه كالمجنون (٣٥).
واختار أبو بكر (٣٦) من الحنابلة وقوع طلاق من يعقل من الصبيان وروى عن أحمد رضي الله عنه أن طلاق الصبي يقع ما بين عشر إلى اثنتي عشرة سنة لأن العشر هو حد للضرب على الصلاة، والصيام وصحة الوصية.
وروى عن سعيد بن المسيب (٣٧) إذا أحصى الصلاة، وصام رمضان وقال
(٢٧) انظر الهداية جـ ١ ص ٢٢٩.
(٢٨) انظر المجموع تحقيق المطيعي ج ١٥/٣٣٤.
(٢٩) انظر المدونة الكبرى ج ٢٥/٣ طبعة جديدة بالأوفست مكتبة المثنى بغداد.
(٣٠) انظر المغني لابن قدامة ج ٧/١١٦ و/١١٧.
(٣١) القواعد الأصولية لابن اللحام ص ٢٦ - دار الكتب.
(٣٢) الحديث رواه ابن ماجه عن ابن عباس وتمامه أتى النبي رجل فقال يا رسول الله إن سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها قال فصعد المنبر وقال ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق سنن ابن ماجة طلاق/١٠ باب/٣١ رقم الحديث/٢٠٨١.
(٣٣) الحديث رواه البخاري عن علي رضي الله عنه ج ٦ باب/١١ ص ١٦٩ موقوفاً ومعلقاً ط استانبول.
(٣٤) الحديث رواه ابن ماجه عن عائشة بلفظ رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق، طلاق/١٠ باب/١٥ رقم الحديث/٢٠٤١.
(٣٥) حاشية الشرواني وابن القاسم على تحفة المحتاج ج ٣/٨.
(٣٦) أبو بكر: هو أحمد بن يحيى بن هانىء أبو بكر الطائي ويقال الكلبي والأثرم، الإسكافي كان جليل القدر حافظاً إماماً كثير الرواية عن الإمام أحمد قال ابن حبان كان من خيار عباد الله. انظر ترجمته في طبقات الحنابلة ٦٦/١.
(٣٧) هو سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي كان أعلم أهل المدينة كان رجلاً صالحاً فقيهاً قال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبل منه. قال الواقدي مات سنة ٩٤ في خلافة الوليد وهو ابن خمس وسبعين سنة وقيل سنة