يكرر تلك القواعد بمسجده بعد أن يخرج الناس منه، فالتف الهروي بحصير، وخرج الناس وأغلق أبو طاهر المسجد وسرد منها سبعاً فحصلت للهروي سعلة فأحس به أبو طاهر فضربه، وأخرجه من المسجد، ثم لم يكررها بعد فيه، هكذا اشتهر في هذه القصة من أن صاحبها هو أبو سعيد الهروي ولكن ليس هذا بصحيح وانما هو ناقل الحكاية عنه مع بعض علماء الحنفية بهراة كما في الأشباه والنظائر للسيوطي^(٣٦).

وقد وقع الخطأ في تحديد صاحب هذه القصة، بسبب عبارة وقعت في أشباه السيوطي، وهي قوله ((فالتف الهروي بحصير))^(٣٧) فتوهم أن الهروي هذا هو أبو سعيد الهروي، لكن الصحيح أن الذي دخل المسجد على أبي طاهر هو هروي لأنه من هراة ولكن ليس القاضي أبا سعيد الهروي، كما هو ظاهر في أشباه السيوطي حيث إن السيوطي رحمه الله نص على أن الذي دخل على أبي طاهر هو من علماء الحنفية بهراة. حيث قال ما نصه حكى القاضي أبو سعيد الهروي أن بعض أئمة الحنفية بهراة بلغه أن الامام أبا طاهر الدباس جمع مذهب أبي حنيفة الى سبع عشرة قاعدة فسافر إليه^(٣٨) ثم ساق الحكاية قال أبو سعيد الهروي فلما بلغ القاضي حسيناً^(٣٩) ذلك ردّ جميع مذهب الشافعي الى أربعة قواعد، وهي الضرر يزال، واليقين لا يزول بالشك - والمشقة تجلب التيسير-، والعادة محكمة -، قال وضم بعض الفضلاء قاعدة خامسة وهي الأمور بمقاصدها^(٤٠) ولما علم الكرخي^(٤١) وكان من أقرانه أخذها وزاد عليها فألف رسالته في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية ولم يذكر أمثلتها حتى جاء النسفي^(٤٢) فذكر أمثلتها وشواهدها، والظاهر أن الكرخي قد أخذ القواعد التي جمعها أبو طاهر الدباس وأضاف اليها فقد جاءت مجموعة الكرخي بتسع وثلاثين قاعدة بينما رأينا آنفاً أن القواعد التي جمعها أبو طاهر الدباس كانت سبع عشرة قاعدة، والناظر في قواعد الكرخي