172

النهاية في شرح الهداية

النهاية في شرح الهداية

Yayıncı

رسائل ماجستير، مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى

Yayın Yılı

1435-1438

Yayın Yeri

مكة المكرمة

قال أبو جعفر الطحاوي: «ففي هذا الحديث أن رسول الله ﵇ كره أن يذكر الله تعالى إلا على طهارة دليل على أنه ﵇ قد توضأ قبل أن يذكر اسم الله، فبهذا يعلم أن قوله: «لا وضُوْءَ لمِنْ لَمْ يُسَمِّ» (^١). نظير قوله ﵇: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ» (^٢). فلم يرد بذلك أنه ليس بمسكين خارج عن حد المسكنة حتى تحرم الصدقة عليه، وإنما أراد بذلك أنه ليس بالمسكين المتكامل». وفي «المبسوط» (^٣): علّم رسولُ الله ﷺ الأعرابيَ الوضوء ولم يذكر التسمية. وتبين بهذا أن المراد من قوله ﵇: «لا وضُوْءَ لمِنْ لَمْ يُسَمِّ». نفي الكمال لا نفي الجواز كما قال في حديث آخر: «مَنْ تَوَضَّأ وَسَمَّى كَانَ طَهُورًا لجَمِيْع بَدَنه، ومَنْ تَوَضَّأ ولم يُسَمِّ كَانَ طَهُورًا لأعْضَاء وَضُوئِه» (^٤). وهذا بخلاف التسمية على الذبيحة فإنا أمرنا بها إظهارًا لمخالفة المشركين؛ لأنهم كانوا يسمون آلهتهم عند الذبح فكان الترك مفسدًا وها هنا أمرنا بالتسمية تكميلًا للثواب لا مخالفة للمشركين؛ فإنهم كانوا لا يتوضؤون فلم يكن الترك مفسدًا لهذا، فلما كانت هي لتكميل الثواب قال: والأصح أنها مستحبة؛ وذلك لأن الوضوء فعل مشروع من الأفعال، والمستحب في سائر الأفعال ابتداؤه بذكر الله تعالى، فكذلك في الوضوء. (وَإِنْ سَمَّاهَا فِي الْكِتَابِ سُنَّةً، وَيُسَمِّي قَبْلَ الاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ) -قوله: «وإن سماها في الكتاب سنة» أي: في «مختصر القدوري» (^٥)؛ لأن لفظ «المبسوط» بلفظ الاستحباب، ثم ذكر في «مبسوط شيخ الإسلام»: وجه ظاهر الرواية (^٦) أن السنة ما فعله رسول الله ﵇ على المواظبة والنقل على [المواظبة] (^٧) لم يشتهر من رسول الله ﵇، ألا ترى أن عثمان وعليًّا ﵄ حكيا وضوء رسول الله ﵇ ولم ينقل عنهما التسمية، وما روي أنه ﵇ كان يسمي (^٨) لأنه سنة مخصوصة في الوضوء، ولكنه فعل من الأفعال، والمستحب في جميع الأفعال البداية بذكر الله على ما قال ﵇: «كُلُّ أمْرٍ ذِيْ بَالٍ لَمْ يبْدَأ بِاسْمِ اللهِ فَهُوَ أقْطَع» (^٩).

(^١) سبق تخريجه في (ص ١٣٩). (^٢) الحديث، رواه البخاري (٦/ ٣٢) باب لا يسألون الناس إلحافًا. ورواه مسلم (٢/ ٧١٩) باب المسكين الذي لا يجد غنى .. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت. (^٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٥٥) باب الوضوء والغسل. (^٤) الحديث لا أصل له بهذا اللفظ، واللفظ الوارد حديث «لا صَلاةَ لمنْ لا وضُوءَ لَه، ولا وضُوءَ لمنْ لم يَذكُر اسْمَ الله عَلَيْه» وقد سبق ذكره، وقد نقل الترمذي في سننه قول الإمام أحمد «أنه لا يوجد حديث في التسمية له سند جيد» السنن (١/ ٣٨)، وانظر: المجموع (١/ ٣٩٣). (^٥) مختصر القدوري لأحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان، أبو الحسن القدوري الفقيه الحنفي، ولد في بغداد (٣٦٢ هـ)، (ت ٤٢٨ هـ)، صنف (مختصر القدوري والتجريد والتقريب وشرح مختصر الكرخي وكتاب النكاح. الفوائد البهية ص (ص ٣٠) والجواهر المضية (١/ ٩٣) وتاج التراجم (ص ٧)، والأعلام (١/ ٢٠٦). (^٦) المقصود بظاهرة الرواية: أقوال واجتهادات الإمام أبي حنيفة: وقد جمعها تلميذه وصاحبه الإمام محمد بن الحسن الشيباني: بستة كتب وهي (الجامع الكبير والجامع الصغير، والسير الكبير والسير الصغير، والمبسوط أو الأصل، والزيادات وتمثل الأراء الراجحة في المذهب الحنفي، مرجع العلوم الإسلامية ص (٣٦٥، ٣٧٦) للدكتور محمد الزحيلي. (^٧) في (أ): «المواضب» والتصويب من (ب). (^٨) في (ب): «يسمى التسمية». (^٩) هذا الحديث له عدة ألفاظ منها هذا اللفظ، وورد «بحمْدِ الله» بدل «بسْمِ الله» وورد بلفظ «كُلّ أمْر ذِيْ بَال لا يبْدَأ فِيهِ بـ «بِسْم الله الرَّحمَن الرَّحِيْم فَهُو أبْتَر». رواه الخطيب والحافظ عبدالقادر الرهاوي (١/ ٥)، ورواه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (١/ ٦) قال الألباني في إرواء الغليل (١/ ٩٢). «الحديث بهذا اللفظ ضعيف جدًا».

1 / 41