Al-Musarahah fi Ahkam al-Musafahah
المصارحة في أحكام المصافحة
Yayıncı
المكتبة الرقمية في المدينة المنورة
Türler
وقوله ﷺ فيما رواه عنه أسامة بن زيد ﵁: "ما تركْتُ بعدي فتنةً هي أضرّ على الرِّجال من النساء" ١. والعقل يقتضي أنّه إذا حَرّم الشارع أمرًا فإن هذا التحريم يَسري أيضًا بالنسبة للأسباب المؤدِّيَة إليه؛ ومِن ثَمّ وضَع الشارع الحكيم الاحتياطات اللازمة لسَدِّ باب هذه الفتنة، فحرّم النظرَ الحرام، والتبرجَ، والخلوة بالأجنبية، وذلك من باب سدِّ الذرائع. وبدون شك، فإنّ مسّ المرأة الأجنبية يُحرك كوامنَ النفس، ويفتح أبواب الفساد، ويُسهِّل مداخل الشيطان. من أجْل ذلك، كان القول بحرمة المصافحة؛ وهو أوْلى من تحريم النظر. وهذا يُحقِّق المقصود من قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى﴾ ٢. فالنهي في هذا الخطاب يشمل مجرّد الدّنُوِّ منه باقتراف المقدّمات التي تُؤدِّي إليه. وفي هذا يقول صاحب "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن": "وإنّما أمر بغضِّ البصر خوفَ الوقوع في الفتنة. ولا شك أنّ مسّ البدن للبدن أقوى في إثارة الغريزة، وأقوى داعيًا إلى الفتنة، من النظر بالعين؛ وكلّ مُنصف يعلَم صحّة ذلك"٣.
_________
١ أخرجه البخاري ٥/١٩٥٩، ومسلم ٤/٢٠٩٨.
٢ سورة الإسراء: الآية ٣٢.
٣ راجع: محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي ٦ /٢٥٧.
1 / 80