Al-Mawsu'ah Al-'Aqidiya - Al-Durar Al-Sunniyah
الموسوعة العقدية - الدرر السنية
Yayıncı
موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net
Türler
المبحث الرابع: جمع النصوص في الباب الواحد، وإعمالها بعد تصحيحها
إن معقد السلامة من الانحراف عند بيان قضية عقدية وتفصيل أحكامها هو جمع ما ورد بشأنها من نصوص الكتاب والسنة على درجة الاستقصاء، مع تحرير دلالات كلٍ، وتصحيح النقل عن النبي ﷺ، واعتماد فهم الصحابة والثقات من علماء السلف الصالح ﵃، فإن بدا ما ظاهره التعارض بين نصوص الوحيين عند المجتهد - لا في الواقع ونفس الأمر، فينبغي الجمع بين هذه الأدلة برد ما غمض منها واشتبه إلى ما ظهر منها واتضح، وتقييد مطلقها بمقيدها، وتخصيص عامها بخاصها، فإن كان التعارض في الواقع ونفس الأمر فبنسخ منسوخها بناسخها - وذلك في الأحكام دون الأخبار فلا يدخلها نسخ - وإن لم يكن إلى علم ذلك من سبيل، فيرده إلى عالمه ﵎.
قال سبحانه: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران: ٧].
وفي الحديث قوله ﵊: «نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زاجرا وآمرا، وحلالا وحراما، ومحكما ومتشابها، وأمثالا، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا» (١).
قال ابن عباس ﵄: يؤمن بالمحكم ويدين به، ويؤمن بالمتشابه ولا يدين به، وهو من عند الله كله (٢).
وقال الربيع بن خثيم ﵀: يا عبد الله، ما علمك الله في كتابه من علم فاحمد الله، وما استأثر عليك به من علم فكله إلى عالمه، لا تتكلف فإن الله يقول لنبيه ﷺ: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص: ٨٦] (٣).
وإذا اتضح هذا؛ فإنه لا يجوز أن يؤخذ نص وأن يطرح نظيره في نفس الباب، أو أن تعمل مجموعة من النصوص وتهمل الأخرى؛ لأن هذا مظنة الضلال في الفهم، والغلط في التأويل (٤)، قال الإمام أحمد ﵀: الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا (٥).
وقال الشاطبي ﵀: ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين، إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها .. (٦).
(١) رواه ابن حبان (٣/ ٢٠) (٧٤٥)، والطبراني (٩/ ٢٦)، والحاكم (١/ ٧٣٩)، من حديث عبد الله بن مسعود ﵁، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧/ ٣١٨): رواه الطبراني وفيه عمار بن مطر وهو ضعيف جدًا وقد وثّقه بعضهم. وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٥٨٧): صحيح. (٢) رواه الطبري في تفسيره (٣/ ١٧٩). (٣) «الاعتصام» للشاطبي (٢/ ٣٣٦). (٤) انظر: «مفاتيح للفقه في الدين» للشيخ مصطفى العدوي (ص١٠) فما بعدها. (٥) «الجامع لأخلاق الراوي» للخطيب البغدادي (٢/ ٢١٢). (٦) «الموافقات» للشاطبي (١/ ٢٤٥ - ٢٤٦).
1 / 73