203

المنح العلية في بيان السنن اليومية

المنح العلية في بيان السنن اليومية

Yayıncı

مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثالثة والعشرون

Yayın Yılı

١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م

Yayın Yeri

السعودية

Türler

كما في صحيح مسلم: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» (^١).
ولك أن تتصوَّر -أخي المسلم- كل أحيانه، وكيف هي كل أو بعض أحياننا، ولا أقول بمماثلتها ولكن بمقاربتها لأحيان النَّبيّ ﷺ؟.
فهل نحن في بعض أوقاتنا من الذاكرين؟!
والأعجب من ذلك أنَّ الإمام مسلم روى لنا في صحيحه، كيف يكون ذكره ﷺ حتى في حال انشغاله فعَن الأَغَرِّ الْمُزَنِي ﵁ أَنَّ رسول الله ﷺ قَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللّهَ فِي الْيَوْمِ، مِائَةَ مَرَّةٍ» (^٢).
قال النَّووي ﵀: «والمراد هنا ما يتغشى القلب، قال القاضي: قيل: المراد الفترات والغفلات عن الذِّكر الذي كان شأنه الدوام عليه، فإذا فتر عنه، أو غفل عَدّ ذلك ذنبًا، واستغفر منه، قال: وقيل: هو همّه بسبب أمّته، وما اطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم، وقيل: سببه اشتغاله بالنَّظر في مصالح أمته، وأمورهم، ومحاربة العدو، ومداراته، وتأليف المؤلَّفة، ونحو ذلك، فيشتغل بذلك من عظيم مقامه، فيراه ذنبًا بالنسبة إلى عظيم منزلته …، وقد قال المحاشي: خوف الأنبياء، والملائكة خوف إعظام، وإن كانوا آمنين عذاب الله تعالى» (^٣).
- الذِّكر نوعان: مطلَق، ومقيَّد.
وينبغي أن يحرص العبد على أن يذكر الله تعالى بقلبه، ولسانه فإنَّ هذا أكمل الأحوال، لا بلسانه فقط، فمن النَّاس مَنْ لا يستشعر ما يقوله

(^١) رواه مسلم برقم (٣٧٣).
(^٢) رواه مسلم برقم (٢٧٠٢).
(^٣) شرح النووي لمسلم، حديث (٢٧٠٢)، باب: استحباب الاستغفار، والاستكثار منه.

1 / 210