المنح العلية في بيان السنن اليومية
المنح العلية في بيان السنن اليومية
Yayıncı
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الثالثة والعشرون
Yayın Yılı
١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م
Yayın Yeri
السعودية
Türler
«إنَّهَا لَا تَصيدُ صيدًا وَلَا تَنْكَأُ عَدُوًّا، وَلكِنَّهَا تَكْسر السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ»، قَالَ فَعَادَ فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا (^١).
والخذف هو: رمي الإنسان بحصاة، أو نواة ونحوهما، يجعلها بين أصبعيه السبابتين، أو الإبهام والسبابة.
والنَّماذج في حفاظهم على السُّنَّة وتعظيمها كثيرة، ولا عجب، فقد كانوا أحرص النَّاس على الخير، وهكذا تأثَّر بهم مَنْ بعدهم من السَّلَف والقرون المفضلة، وأصبح التأريخ يُسَطِّر لنا ممن تبع أولئك الرجال في التمسك بالسُّنَّة نماذج تُشجِّع النفس على الحرص على السُّنَّة واقتفائها.
فهذا الإمام أحمد ﵀ وضع في كتابه المسند فوق أربعين ألف حديث، وعمل بها كلها، فقال: «ما تركت حديثًا إلا عملت به»، ولمَّا قرأ: أنَّ النَّبي ﷺ احتجم، وأعطى أبا طيبة الحجَّام دينارًا، قال: «احتجمتُ، وأعطيت الحجَّام دينارًا»، والدينار: أربعة غرامات وربع من الذَّهب، لكن لأجل تطبيق الحديث بذلها الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، والنّماذج في هذا الصَّدد كثيرة.
نسأل الله أن يُحيي سُنَّة نبينا ﷺ في قلوبنا؛ لتنال من الفضائل، والمِنَحِ، والقُرْبِ من الله ﷿ ما استودعه في سُنَّة نبيه ﷺ، فباتباع السُّنَّة ينال الإنسان شرف المتابعة، ونور القلب وحياته.
قال ابن القيَّم ﵀: «قال ابن عطاء: من ألزم نفسه آداب السُّنَّة نوَّر الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من متابعة الحبيب في أوامره، وأفعاله، وأخلاقه» (^٢).
وقال أيضًا: «ترى صاحب اتِّباع الأمر والسُّنَّة قد كُسي من الرَوح، والنور وما يتبعهما من الحلاوة، والمهابة، والجلالة، والقبول ما قد
_________
(^١) رواه البخاري برقم (٥٤٧٩)، ومسلم برقم (١٩٥٤).
(^٢) مدارج السالكين (٢/ ٦٤٤).
1 / 16