280

Al-Madhhab al-Ḥanbalī: A Study in its History and Characteristics

المذهب الحنبلي دراسة في تاريخه وسماته

Yayıncı

مؤسسة الرسالة ناشرون

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Türler

المبحث الخامس
المذهب في الجزيرة العربية
لا يخفى ما للجزيرة العربية من أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي، حيث كانت مهبط الوحي، ومبعث الرسالة الخاتمة، التي بلغها محمد بن عبد الله للعربي الهاشمي القرشي ﷺ إلى الناس كافة، وحملها صحابته وأتباعه إلى العالمين، رحمةً بهم.
ولا يخفى ما لمدينة البعثة والدعوة الإسلامية الأولى، مكة المباركة، وما لمدينة النصرة والهجرة، الملينة النبوية، من مكانة في قلوب المسلمين، وما فرض الله عليهم من حج إلى بيت الله الحرام، وتوجه إلى الكعبة المشرفة في لواتهم، وما في الصلاة في المسجد الحرام، ومسجد رسول الله ﷺ من مضاعفة للأجر والثواب، مما جعل قلوب المسلمين تهفو إلى تلك البقاع، ويحرص كل منهم على نيل مزية زيارتها والإقامة فيها.
وسنعرض للمذهب الحنبلي في الحرمين الشريفين أولًا، ثم في البلاد النجدية، لما لها من أهمية كبيرة في احتضان المذهب الحنبلي ثانيًا، ثم انطلاق الدعوة الإصلاحية التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونصيره الإمام محمد بن سعود، -رَحِمَهُمَا اللهُ-، وما تبع ذلك من توحيد معظم الجزيرة العربية في دولة إسلامية واحدة، هي الدولة السعودية الأولى، والثانية، ثم المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد العزنى بن عبد الرحمن آل سعود ﵀، وما تلاه من أبنائه البَرَرَة، إلى العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- ونصر به دينه.
لم تكن بلاد الحرمين كغيرها من أمصار الإسلام، تعرف بالإنتساب إلى مذهب بعينه من المذاهب الفقهية المتبعة، وذلك أنها كانت مجتمع العلماء، من مختلف المذاهب بسبب المناسك والرحلة العلمية، بالإضافة إلى أن ظاهرة التقليد والإنتساب الصريح إلى المذاهب لم تكن قد فشت قبل القرن الرابع.

1 / 291