Al-Kharaj
الخراج
Araştırmacı
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Yayıncı
المكتبة الأزهرية للتراث
Baskı Numarası
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Yayın Yılı
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"هَذَا مَا كَتَبَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ ﵀ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدِ"
أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَدَامَ لَهُ الْعِزَّ فِي تَمَامٍ مِنَ النِّعْمَةِ، وَدَوَامٍ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَجَعَلَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مَوْصُولا بِنَعِيمِ الآخِرَةِ الَّذِي لَا يَنْفَدُ وَلا يَزُولُ، وَمُرَافَقَةِ النَّبِيِّ ﷺ.
إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَأَلَنِي أَنْ أَضَعَ لَهُ كِتَابًا جَامِعًا يَعْمَلُ بِهِ فِي جِبَايَةِ الْخَرَاجِ، وَالْعُشُورِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْجَوَالِي١، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ رَفْعَ الظُّلْمِ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالصَّلاحَ لأَمْرِهِمْ. وَفَّقَ اللَّهُ تَعَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَدَّدَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى مَا تَوَلَّى مِنْ ذَلِكَ، وَسَلَّمَهُ مِمَّا يَخَافُ وَيَحْذَرُ.
وَطَلَبَ أَنْ أُبَيِّنَ لَهُ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ مِمَّا يُرِيدُ الْعَمَلَ بِهِ، وَأُفَسِّرَهُ وَأَشْرَحَهُ. وَقَدْ فَسَّرْتُ ذَلِكَ وَشَرَحْتُهُ.
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ -وَلَهُ الْحَمْدُ- قَدْ قَلَّدَكَ أَمْرًا عَظِيمًا: ثَوَابُهُ أَعْظَمُ الثَّوَابِ، وَعِقَابُهُ أَشَدُّ الْعِقَابِ؛ قَلَّدَكَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ فَأَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ وَأَنْتَ تَبْنِي لِخَلْقٍ كَثِيرٍ قَدِ اسْتَرْعَاكَهُمُ اللَّهُ وَائْتَمَنَكَ عَلَيْهِمْ وَابْتَلاكَ بِهِمْ وَوَلاكَ أَمْرَهُمْ، وَلَيْسَ يَلْبَثُ الْبُنْيَانُ إِذَا أُسِّسَ عَلَى غَيْرِ التَّقْوَى أَنْ يَأْتِيَهُ اللَّهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَيَهْدِمَهُ عَلَى مَنْ بَنَاهُ، وَأَعَانَ عَلَيْهِ٢؛ فَلا تُضَيِّعَنَّ مَا قَلَّدَكَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَالرَّعِيَّةِ، فَإِنَّ الْقُوَّةَ فِي الْعَمَلِ بِإِذْنِ اللَّهِ.
لَا تُؤَخِّرْ عَمَلَ الْيَوْمِ إِلَى غَدٍ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَضَعْتَ. إِنَّ الأَجَلَ دُونَ الأَمَلِ، فَبَادِرِ الأَجَلَ بِالْعَمَلِ، فَإِنَّهُ لَا عَمَلَ بَعْدَ الأَجَلِ. إِنَّ الرُّعَاةَ مُؤَدُّونَ إِلَى رَبِّهِمْ مَا يُؤَدِّي الرَّاعِي إِلَى رَبِّهِ. فَأَقِمِ الْحَقَّ فِيمَا وَلاكَ اللَّهُ وَقَلَّدَكَ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؛ فَإِنَّ أَسْعَدَ الرُّعَاةِ عِنْدَ الله يَوْم
_________
١ الجوالي والمفرد جالية، وَهِي لَفْظَة تطلق فِي الأَصْل على أَيَّة جمَاعَة تنْتَقل من وطنها إِلَى وَطن غَيره، وَمن هُنَا أطلق على أهل الذِّمَّة الَّذين أجلاهم عمر عَن جَزِيرَة الْعَرَب، ثمَّ نقل اللَّفْظ إِلَى الْجِزْيَة الَّتِي أخذت مِنْهُم.
٢ إِشَارَة إِلَى قَول الله تَعَالَى ﴿قد مكر الَّذين من قبلهم فَأتى الله بنيانهم من الْقَوَاعِد فَخر عَلَيْهِم السّقف من فَوْقهم﴾ [النَّحْل: ٢٦] .
1 / 13