Al-Itqan fi Dawabit Tasjeel al-Quran
الإتقان في ضوابط تسجيل القرآن
Türler
هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به". (^١).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:
وتفسيره-التغني-عند الأكثرين كالشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما هو تحسين الصوت به. (^٢)
فالمقصود بالتغني إذًا هو تحسين الصوت بالقرآن. والتغني بالقرآن يكون بالجهر بتلاوته مع تحسين الصوت به والخشوع فيه؛ ليحرك به القلوب؛ لأن من مقاصد قراءة القرآن تحريك القلوب به لتتأثر وتخشع وتخضع لباريها؛ فتنتفع بالقرآن وبهداياته.
ومعنى قوله: "ما أذن الله"؛ أي: ما استمع الله؛ والاستماع هنا استماع على الحقيقة يليق بذات الله تعالى، وهو استماع لا يشبه استماع المخلوقين، مثله مثل سائر صفات الرب جل في علاه- وإنما يُقَال في استماعه سبحانه وإذنه مثل ما يقال في سائر صفاته ﷾، ويكون إثبات جميع صفات الرب جل في علاه على الوجه اللائق به سبحانه كما قال ربنا: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الشورى: ١١).
وروى أبو داود من حديث أبي لبابة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "من لم يتغن بالقرآن فليس منا" (^٣). و"من لم يتغن" هو من لم يحسن صوته. (^٤)
قال الطبري (ت: ٣١٠ هـ) ﵀:
والمعروف في كلام العرب أن التغني إنما هو الغناء الذي هو حسن الصوت بالترجيع. (^٥)
قال النووي (ت: ٦٧٦ هـ) ﵀:
اعلم أن جماعات من السلف كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون وهذا متفق على استحبابه وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين وهى سنة ثابتة عن رسول الله ﷺ فقد صح عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال قال لي رسول الله ﷺ اقرأ عليَّ القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئتُ إلى هذه الآية (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) (النساء: ٤١) قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. (^٦) وروى الحاكم كذلك من حديث البراء بن
(^١) - رواه البخاري (٥٠٢٣)، مسلم (ج ١ حديث ٢٣٣). (^٢) - يُنظر: جامع المسائل لابن تيمية (٣/ ٣٠٤) (^٣) - صححه الألباني في صحيح أبي داود (ج ١ حديث ١٣٠٥). (^٤) وهو قول الجمهور، حكاه النووي في التبيان (١/ ١١٠). (^٥) - شرح البخاري لابن بطال (١/ ٢٦١). (^٦) البخاري (٤٥٨٢)، التبيان (١١٤)
71 / 35