360

İhkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Yayıncı

المكتب الإسلامي

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

(دمشق - بيروت)

وَلِهَذَا قَالَ: كَيْفَ نَقْبَلُ قَوْلَ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَصْدَقَتْ أَمْ كَذِبَتْ.
وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَنْ ظَهَرَ إِسْلَامُهُ وَسَلَامَتُهُ مِنَ الْفِسْقِ ظَاهِرًا، فَاحْتِمَالُ صِدْقِهِ لَا مَحَالَةَ أَظْهَرُ مِنِ احْتِمَالِ كَذِبِهِ.
وَأَمَّا رَدُّ عَلِيٍّ ﵇ لِخَبَرِ الْأَشْجَعِيِّ فَإِنَّمَا كَانَ أَيْضًا لِعَدَمِ ظُهُورِ صِدْقِهِ عِنْدَهُ؛ وَلِهَذَا وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ بَوَّالًا عَلَى عَقِبَيْهِ؛ أَيْ: غَيْرِ مُحْتَرِزٍ فِي أُمُورِ دِينِهِ.
وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ ﷺ: " «نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» ".
وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّا نَقُولُ: الْقَوْلُ بِوُجُوبِ قَبُولِ رِوَايَةِ مَجْهُولِ الْحَالِ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ الدَّلِيلِ، وَالْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ ظَنِّيَّةٌ، فَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِيهَا (١) .
فَإِنْ قِيلَ: بَيَانُ وُجُودِ الدَّلِيلِ مِنْ جِهَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ.
أَمَّا النَّصُّ فَمِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ أَمْرٌ بِالتَّثَبُّتِ مَشْرُوطًا بِالْفِسْقِ فَمَا لَمْ يَظْهَرِ الْفِسْقُ لَا يَجِبُ التَّثَبُّتُ فِيهِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ؛ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ ﵇: " «إِنَّمَا أَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» " (٢) وَمَا نَحْنُ فِيهِ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ الصِّدْقُ، فَكَانَ دَاخِلًا تَحْتَ عُمُومِ الْخَبَرِ.
الثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا جَاءَهُ الْأَعْرَابِيُّ، وَقَالَ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ عِنْدَهُ، قَبْلَ شَهَادَتِهِ، وَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ بِالصَّوْمِ لَمَّا ثَبَتَ عِنْدَهُ إِسْلَامُهُ

(١) فِي هَذَا اعْتِرَافٌ بِأَنَّ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ مَا هُوَ ظَنِّيٌّ بَلْ مَنْ تَتَبَّعَ الْمَسَائِلَ الْخِلَافِيَّةَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَجَدَ أَكْثَرَهَا ظَنِّيًّا بَلْ يَحَارُ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَتَكَافُئِهَا فِي نَظَرِهِ وَلَا يَقْوَى عَلَى التَّرْجِيحِ، وَمِنْ أُولَئِكَ الْآمِدِيُّ
(٢) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْمُفِيدَةِ: حَدِيثُ: نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ، يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْأُصُولِ وَلَا أَصْلَ لَهُ: أَقُولُ: قَدْ وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يَشْهَدُ لِمَعْنَاهُ مِثْلَ قَوْلِهِ ﷺ لِأُسَامَةَ أَشَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ إِنْكَارًا لِاعْتِذَارِهِ عَنْ قَتْلِهِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا

2 / 80