Büyük Havi
الحاوي الكبير
Araştırmacı
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1419 AH
Yayın Yeri
بيروت
أَصْحَابِهِ فَقَدْ أَلْقَى شَعْرَهُ مِرَارًا وَلَمْ يُقَسِّمْهُ وَلَا خَصَّ بِهِ أَحَدًا وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً بِمِنًى، وَقَصَدَ بِهِ أَحَدَ أَمْرَيْنِ إِمَّا التوصل إِلَيْهِمْ مِنْ بَرَكَتِهِ وَإِمَّا لِتَمَيُّزِ مَنْ خَصَّهُ فَيَصِيرُ ذَلِكَ لَهُمْ شَرَفًا وَفَخْرًا، وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى أَبِي طَيْبَةَ شُرْبَهُ دَمَهُ وَنَهَاهُ عَنْ مِثْلِهِ وَقَالَ حَرَّمَ اللَّهُ جِسْمَكَ عَلَى النَّارِ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَالْمَذْهَبُ نَجَاسَةُ الشَّعْرِ بِالْمَوْتِ لِحُلُولِ الرُّوحِ فِيهِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ أَقُولُ فِيهِ لَا حَيَاةَ وَلَا أَقُولُ فِيهِ رُوحٌ، وَهَذَا اخْتِلَافُ عِبَارَةٍ تَتَّفِقُ الْمَعْنَى فِيهِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: الشَّعْرُ وَالْعَظْمُ لَيْسَ بِذِي رُوحٍ، وَلَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ. وَقَالَ مَالِكٌ: الشعر ليس بذي روح ولا في العظم رود تنجس بِالْمَوْتِ
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا رُوحَ فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ.
فَأَمَّا دَلِيلُهُمْ عَلَى أَنْ لَا رُوحَ فِيهِ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الألم من سمات الرُّوحِ فَلَمَّا كَانَ وُجُودُهُ دَلِيلًا عَلَى ثُبُوتِ الْحَيَاةِ كَانَ انْتِفَاؤُهُ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْحَيَاةِ وَلَيْسَ فِي الشَّعْرِ وَالْعَظْمِ أَلَمٌ فَلَمْ يَكُنْ فيه حياة.
والثاني: أن ما حلته الْحَيَاةُ أَسْرَعَ إِلَيْهِ الْفَسَادُ بِزَوَالِ الْحَيَاةِ كَاللَّحْمِ، فلما كان العظم والشعر على حاله وَاحِدَةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ فِي انْتِفَاءِ الْفَسَادِ عَنْهُ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا حَيَاةَ فِيهِ.
والثالث: أن ما حلته الحياة فالشرع مانع مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَالْجِلْدِ وَمَا لَمْ تُحِلَّهُ الْحَيَاةُ لَمْ يَمْنَعِ الشَّرْعُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَاللَّبَنِ، فَلَمَّا جَازَ أَخْذُ الشَّعْرِ مِنَ الْحَيَوَانِ دَلَّ على أن ليس فيه حياة.
وأما دليلهم عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾ [النحل: ٨٠] . فَكَانَ مِنْهَا دَلِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَقْتَضِيهِ عُمُومُ لَفْظِهَا مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ.
1 / 68