Büyük Havi
الحاوي الكبير
Araştırmacı
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1419 AH
Yayın Yeri
بيروت
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] . وَلِأَنَّهُ شَعْرٌ نَابِتٌ عَلَى بَشَرَةِ الْوَجْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ غَسْلُهُ كَالْحَاجِبَيْنِ فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ اسْتِيعَابَ غَسْلِهِ وَاجِبٌ فَفَرْضُ الْغَسْلِ يَنْتَقِلُ عَنِ الْبَشَرَةِ إِلَى الشَّعْرِ عَلَى سَبِيلِ الْأَصْلِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ غَسَلَ الشَّعْرَ ثُمَّ ذَهَبَ شَعْرُهُ، فَظَهَرَتِ الْبَشَرَةُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: فَرْضُ الْغَسْلِ يَنْتَقِلُ إِلَى الشَّعْرِ عَلَى سَبِيلِ البدل، فإن ظهرت الْبَشَرَةُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّعْرِ لَزِمَهُ غَسْلُهَا كَظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْغَسْلِ يَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ دُونَ الْبَشَرَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ الْبَشَرَةَ دُونَ الشَّعْرِ لَمْ يُجِزْهُ، وَخَالَفَ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَجْزَأَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ يَنْتَقِلُ إِلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَإِلَى شَعْرِ اللِّحْيَةِ عَلَى سَبِيلِ الْأَصْلِ.
فَأَمَّا الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْعِذَارِ فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُهُ مِنَ الْمُلْتَحِي وَغَيْرِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ مِنَ الْمُلْتَحِي لِأَنَّ شَعْرَ الْعِذَارِ حَائِلٌ بَيْنَهُ وبين الوجه وهذا خطأ، لأن عليا بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ الله ﷺ َ - وَضَعَ إِبْهَامَيْهِ فِي أُصُولِ أُذُنَيْهِ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ مِنَ الْوَجْهِ لَمْ يَسْتُرْهُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى فَرْضُ غَسْلِهِ كَالْوَجْنَةِ وَالْجَبْهَةِ.
فَصْلٌ: وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ
مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَكُونَ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ لَا يَسْتُرُهُ شَعْرُ الْبَشَرَةِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى غَسْلِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مُوَاجِهٌ بِهِمَا جَمِيعًا فَلَوْ غَسَلَ الشَّعْرَ دُونَ الْبَشَرَةِ، أَوِ الْبَشَرَةِ دُونَ الشَّعْرِ لَمْ يُجِزْهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ الْوَجْهِ، وَقَالَ أبو حنيفة: لَيْسَ عَلَيْهِ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّعْرُ خَفِيفًا لِأَنَّ الْبَشَرَةَ بَاطِنَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّعْرُ كَثِيفًا وَهَذَا خَطَأٌ لِرِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ وَقَالَ: " هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي " وَلِأَنَّهَا بَشَرَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ وَجْهِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَيْهَا كَالَّتِي لَا شَعْرَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ حَائِلٌ لَهُ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْمَحَلِّ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ فَرْضُ الْمَحَلِّ قِيَاسًا على لبس خف مخرق.
1 / 110