Al-Habl al-Mateen fi Ihkam Ahkam al-Deen

Bahāʾ al‐Dīn al‐ʿĀmilī d. 1031 AH
142

Al-Habl al-Mateen fi Ihkam Ahkam al-Deen

الحبل المتين في إحكام أحكام الدين

بالأفق المسمى بالصبح الصادق دون الأول المستطيل الذي يتوسط بينه وبين الأفق ظلمة وهو المسمى بالصبح الكاذب ونحن نقدم لتحقيق هذا المقام كلاما أورده العلامة قدس الله روحه في المنتهى ونشرحه بما يتضح به هذا المبحث غاية الاتضاح ثم نعود بعد ذلك إلى ما نحن بصدده وهذا البحث وان لم يكن من وظيفة الفقيه من حيث هو فقيه الا انا اقتفينا في ذلك اثر العلامة أحله الله دار الكرامة قال طاب ثراه اعلم أن ضوء النهار من ضياء الشمس وانما يستضئ بها ما كان كمدا في نفسه كثيفا في جوهره كالأرض والقمر واجزاء الأرض المتصلة والمنفصلة وكلما يستضئ من جهة الشمس فإنه يقع له ظل من ورائه وقد قدر الله بلطيف حكمته دوران الشمس حول الأرض فإذا كانت تحتها وقع ظلها فوق الأرض على شكل مخروط ويكون الهواء المستضئ بضياء الشمس محيطا بجوانب ذلك المخروط فيستضئ نهايات الظل بذلك الهواء المضئ لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار فلا ينفذ كثيرا في اجزاء المخروط بل كلما ازداد بعدا ازداد ضعفا فاذن متى تكون في وسط المخروط تكون في أشد الظلام فإذا اقتربت الشمس من الأفق الشرقي مال مخروط الظل عن سمت الرأس وقربت الاجزاء المستضيئة من حواشي الظل بضياء الهواء من البصر وفيه أدنى قوة فيدركه البصر عند قرب الصباح وعلى هذا كلما ازدادت الشمس قربا من الأفق ازداد ضوء نهايات الظل قربا من البصر إلى أن تطلع الشمس وأول ما يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيلا كالعمود ويسمى الصبح الكاذب والأول ويشبه بذنب السرحان لدقته واستطالته ويسمى الأول لسبقه على الثاني والكاذب لكون الأفق مظلما اي لو كان يصدق انه نور الشمس لكان المنير مما يلي الشمس دون ما يبعد منه ويكون خفيفا؟ دقيقا ويبقى وجه الأرض على ظلامه بظل الأرض ثم سيزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طولا وعرضا فينبسط في عرض الأفق كنصف دائرة وهو الفجر الثاني الصادق لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك والصبح ما جمع بياضا وحمرة ثم سيزداد الضوء إلى أن يحمر الأفق ثم تطلع الشمس انتهى كلامه أعلى الله مقامه وقوله طاب ثراه انما يستضئ بها ما كان كمدا في نفسه كثيفا في جوهره ناظرا إلى ما ذهب إليه جماعة من أن الهواء الصافي من الشوائب لا يتكيف بالضوء وانما يتكيف به الهواء المخالط للاجزاء البخارية والدخانية أعني كرة البخار التي فيها يتحقق الصبح والشفق وحكمه طاب ثراه بمخروطية شكل ظلمه الأرض مبنى على ما قام عليه البرهان في محله من أن الشمس أعظم من الأرض وانه متى استضاءت كرة صغرى من كرة عظمي كان المضئ من الصغرى أكثر من نصفها والمظلم أقل منه ويكون ظلها مخروطيا وقوله لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار فلا ينفذ كثيرا إلى اخره يريد به ان الهواء لما كان تكيفه بالضوء بواسطة مخالطة الاجزاء البخارية القليلة الكثافة لم يكن شديد الضوء وانه كلما ازداد بعدا عنا ازداد ضوءه ضعفا في الحس إلى أن ينعدم بالكلية ولذلك لا يرى في أواسط الليل شئ من ذلك الضوء؟ واما قوله ان أول ما يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيلا إلى قوله لكون الأفق مظلما إلى اخره فهو متضمن لحكمين الأول استطالة الصبح الكاذب والثاني كون ما بينه وبين الأفق مظلما وهذان الأمران معلومان بالمشاهدة والسبب فيهما هو ان مخروط الظل إذا زاد ميله نحو الأفق الغربي لقرب الشمس من الأفق الشرقي ازداد الضوء المحيط به قربا إلى الناظر وأول ما يرى منه ما هو أقرب إليه وهو موقع خط خارج من بصره عمودا على الضلع الذي يلي الشمس من ضلعي المثلث الحاصل من قطع المخروط بسطح ما وبسهمه ومركزي الأرض والشمس وانما كان هذا الموقع أقرب إلى الناظر لان هذا العمود أقصر الخطوط الخارجة من البصر منتهية إلى

Sayfa 145