Al-Aziz Sharh al-Wajiz
العزيز شرح الوجيز = الشرح الكبير للرافعي - ط العلمية
Araştırmacı
علي محمد عوض - عادل أحمد عبد الموجود
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
Türler
فإن قلنا: بالكراهية، ففي محلها اختلاف منشؤه إشارة النقل بعد النهي إلى سببه وهو خوف الوضح (١). فقال قائلون من أصحابنا: إنما يكره إذا خيف منه هذا المحذور، وإنما يخاف عند اجتماع شرطين:
أحدهما: أن يجري التشميس في الأواني المنطبعة، كَالحَدِيدِ، وَالرُّصَاصِ، وَالنَّحَاسِ، لأن الشمس إذا أثّرت فيهما استخرجت منها زُهُومَةٌ تعلو الماء ومنها يتولد المَحْذُورُ.
والثاني: أن يتفق في البلاد المفرطة الحرارة دون الباردة، والمعتدلة، فإن تأثير الشمس فيها ضعيف (٢). ولا فرق عند القائلين بهذه الطريقة بين أن يقع ذلك قصدًا أو اتفاقًا؛ فإن المحذور لا يختلف، وأيّدوا طريقتهم بالمشمس في الحِيَاضِ، وَالبِرَكِ، فإنه غير مكروه بالاتفاق، وإنما كان ذلك؛ لأنه لا يخلف منه مكروه.
وقال آخرون: لا تتوقف الكراهية على خوف المحذور لإطلاق النهي، والتعرض للمحذور إشارة إلى حكمته، فلا [يشترط حصولها في كل صورة، وهؤلاء طردوا الكراهية في الأواني المُنْطَبِعَةِ] (٣) وغيرها، كَالخَزَفِيَّةِ، وفي البلاد الحَارَّةِ وغيرها، واعتذروا عَن مَاءِ الحِيَاضِ، وَالبِرَكِ بتعذر الاحتراز.
والطريقة الأولى أقرب إلى كلام الشافعي ﵁ فإنه قال: "ولا أكره المشمس إلا من جهة الطب" [أي: إنما كرهه شرعًا حيث يقتضي الطب] (٤) محذورًا فيه، واستثنى بعضهم من المنطبعات الذهب والفضة، لصفاء جوهرها، ويعد انفصال محذور عنهما. وإذا عرفت ذلك نعد إلى ألفاظ الكتاب.
واعلم أن قوله: "ما تغير عن وصف خلقته تغيرًا يسيرًا لا يزايله اسم الماء المطلق" [ليس] (٥) المراد من اليسير سوى أنه بحيث لا يزايله اسم الماء المطلق وتعقيبه به مذكور تفسيرًا لليسير وإن لم يكن كذلك، وجزينا على ظاهر اللفظ لزم اشتراط كون التغير يسيرًا لبقاء الطهُورِيَّةِ في جميع المسائل المعدودة وليس كذلك، بل التغير بطول
_________
(١) وضح يضح من باب وعد، وضوحًا انكشف وانجلى واتَّضح كذلك وهو محدى بالألف والوضح بفتحتين هو البياض والوضوء والدرن المصباح المنير (٢/ ٩١٣).
(٢) قال النووي: الراجح من حيث الدليل أنه لا يكره مطلقًا، وهو مذهب أكثر العلماء، وليس للكراهة دليل يعتمد، وإذا قلنا بالكراهة فهي كراهة تنزيه لا تمنع صحة الطهارة، وتختص باستعماله في البدن، وتزول بتبريده على أصح الأوجه، وفي الثالث: يراجع الأطباء، والله أعلم. الروضة ١/ ١٢٠.
(٣) و(٤) سقط في ط.
(٥) سقط في ب.
1 / 21