السَّاعة، والله إذا أراد أمرًا أصابه، ولولا هذه الحادثة الَّتي لا تعدو أمر الله تعالى لضاعت فوائد وفوائد.
﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ﴾ هذا حُكْم الله تعالى، أن تحملَ كلُّ نفسٍ ما اكتسبت، كما قال تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ (٢٨٦)﴾ [البقرة]، وكما قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)﴾ [المدّثر].
﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ أي معظمه ﴿مِنْهُمْ﴾ أي من العصبة، وهو المنافق ابن أبيّ ﴿لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)﴾ لأنَّه أذاع ما أذاع مِنَ الإفك عداوةً للنَّبيِّ ﷺ، ويلاحظ تَغَايُر العقوبة بين مَنْ تَكَلَّم وبين مَنْ تولَّى كبره.
﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ لولا: للتَّحضيض والتَّنديم والتَّنديد، فالله تعالى يحضُّ المؤمنين ويحثُّهم على تقديم حُسْنِ الظَّنِّ عند سماع مثل هذا الحديث الَّذي ليس عليه شهود، فلا ينبغي لمؤمن أن يطعن في أخيه المؤمن الَّذي هو في منزلة نفسه. وجَعَلَ الغير مقام النَّفس (بأنفسهم)، فالمؤمنون كَنَفْسٍ وَاحِدة، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ (١١)﴾ [الحجرات] وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (٢٩)﴾ [النِّساء].
وكان مِن حقِّ (لولا) أن يليها الفعل (ظنَّ) مِن غير فاصل، لكن فَصَلَ بينهما قوله: (إذ سمعتموه) والظَّرف يجوز فيه، لأنَّ الظَّرفَ لا ينفكُّ عنه ما يَقَعُ فيه. والغرض مِنْ تقديم الظَّرف (إذ) العناية به والاهتمام بمدلوله، فقد كان ظنُّ الخير واجبًا من أوَّل زَمَنِ سَمَاعِ حديث الإفك، فالواجب تقديم الأهمِّ في الذِّكر،