Al-Adhkar by An-Nawawi
الأذكار للنووي ت الأرنؤوط
Araştırmacı
عبد القادر الأرنؤوط ﵀
Yayıncı
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
Türler
هذه الأمور فهو المباحُ الذي كان رسولُ الله ﷺ يفعله، فإنه ﷺ إنما كان يفعله في نادر من الأحوال لمصلحة وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهذا لا منعَ قطعًا، بل هو سنّةٌ مستحبةٌ إذا كان بهذه الصفة، فاعتمدْ ما نقلناه عن العلماء وحقَّقناه في هذه الأحاديث وبيان أحكامها، فإنه مما يَعظمُ الاحتياجُ إليه، وبالله التوفيق.
(بابُ الشَّفاعَة)
اعلم أنه تُستحبّ الشفاعة إلى ولاة الأمر وغيرهم من أصحاب الحقوق والمستوفين لها ما لم تكن شفاعةً في حدٍّ أو شفاعةً في أمر لا يجوز تركهُ، كالشفاعة إلى ناظرٍ على طفل، أو مجنون أو وقف أو نحو ذلك في ترك بعض الحقوق التي في ولايته، فهذه كلُّها شفاعة محرّمة تحرم على الشافع ويحرم على المشفوع إليه قبولها، ويحرم على غيرهما السعي فيها إذا علمها، ودلائلُ جميع ما ذكرته ظاهرة في الكتاب والسنّة وأقوال علماء الأمة، قال الله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها، وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها، وكانَ اللَّهُ على كل شئ مُقِيتًا) * [النساء: ٨٥] .
المقيت: المقتدر والمقدّر، هذا قول أهل اللغة، وهو محكيٌّ عن ابن عباس وآخرين من المفسرين.
وقال آخرون منهم المقيت: الحفيظ، وقيل المقيت: الذي
عليه قوت كل دابة ورزقها، وقال الكلبي: المقيت المجازي بالحسنة والسيئة، وقيل: المقيت: الشهيد، وهو راجع إلى معنى الحفيظ.
وأما الكِفْل فهو الحظ والنصيب، وأما الشفاعة المذكورة في الآية، فالجمهور على أنها هذه الشفاعة المعروفة، وهي شفاعة الناس بعضهم في بعض، وقيل: الشفاعة الحسنة: أن يشفع إيمانه بأنه يقاتل الكفار، والله أعلم.
٩٩٩ - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: " كان النبي ﷺ إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّه على لسانِ نَبِيِّهِ ما أحَبَّ ".
وفي رواية " ما شاءَ " وفي رواية أبي داود " اشْفَعُوا إِليَّ لِتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ على لِسانِ نَبِيِّهِ ما شاءَ " وهذه الرواية توضّح معنى رواية الصحيحين.
١٠٠٠ - وروينا في " صحيح البخاري " عن ابن عباس ﵄ في قصة بريرة وزوجها قال: قال لها النبيّ ﷺ: " لَوْ رَاجعتِيهِ؟ قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: إنما أشْفَعُ، قالتْ: لا حاجةَ لي فيه ".
1 / 327