" بسم الله الرحمن الرحيم . لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد : فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت بغلة لتركبها، والسلام عليك"(1).
ولم يزد على هذا ولم يسلم، فتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -مارية، فأنجبت له طفل سماه إبراهيم، تقديرا وتشريفا لأبي الأنبياء عليه السلام ، أما سيرين، فقد تزوجها الشاعر حسان بن ثابت - رضي الله عنه -.
"تلك مثل لرسائله إلى رجالات النصرانية ومواقفهم منها. وقد ساق النبي كذلك مبعوثيه إلى رؤساء المجوسية يدعونهم إلى الله، ويحدثونهم عن الدين الذي لو تبعوه نقلهم من الغي إلى الرشاد.. وقد تفاوتت ردودهم، بين العنف واللطف والإيمان والكفر"(2)..
والنبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أول من نادى بالحوار بين الحضارات والدول، في سبيل نشر قيم سامية .. ومارس هذا الحوار كما رأيت بمستوى عال من الأدب وحسن الخلق واحترام الرأي الآخر.
ولقد أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكثير من الرسل والسفراء - يدعوهم إلى الإسلام - ولتحقيق مثل هذا الحوار بينه وبين الأمم والحضارات الأخرى وملوك وزعماء العالم :
(1) فبعث الصحابي الفاضل دحية بن خليفة الكلبي - وكان أنيقا وسيما -، إلى قيصر ملك الرومان، واسمه هرقل.
(2) وبعث الصحابي المناضل عبد الله بن حذافة السهمي - وكان راسخ الفكر والإيمان متحدثا بليغا - إلى كسرى ابرويز بن هرمز، ملك الفرس.
Sayfa 8