رغم ما كان من بنود مجحفة بالمسلمين في هذا الصلح ..
وإن المتأمل لأحداث صلح الحديبية يتبين له إصرار النبي - صلى الله عليه وسلم - على تحقيق السلام، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان دائما يجنح للسلم إن هيئت له أسباب إقامة السلام في أي وقت..
فعندما قصد رسول - صلى الله عليه وسلم - العمرة مع أصحابه، في العام السادس من الهجرة، أبت قريش أن تسمح للنبي وأصحابه بإداء عبادة العمرة، وهذا الفعل من القريشيين يعد جريمة كبرى في عرف العرب، إذ كيف يصد عن البيت الحرام من جاء معظما له !!
وعرفت قريش ضيق الموقف، فأسرعت إلى بعث سهيل بن عمرو - متحدثا رسميا لها - للتفاوض مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حول عقد الصلح، وأكدت له أن يكون في شروط الصلح : أن يرجع عن مكة عامه هذا دون عمرة، ففي ذلك - كما يرى القرشيون - جرح لمشاعر المشركين بعدما انتصر عليهم المسلمون في معركة بدر انتصارا ساحقا ، وحتى لا تتحدث العرب أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وأدى العمرة رغما عن المشركين -.
فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه - صلى الله عليه وسلم - قال : " قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل" (1)، فجاء سهيل فتكلم طويلا، ثم اتفقا على قواعد الصلح، وهي هذه (2) :
البند الأول : الرسول - صلى الله عليه وسلم -يرجع من عامه هذا، فلا يدخل مكة، وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثا، معهم سلاح الراكب، السيوف في القرب، ولا يتعرض لهم بأي نوع من أنواع التعرض .
البند الثاني : وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض .
Sayfa 17