وكانوا يقولون: «عجائب الدنيا أربع: قنطرة سنجة، ومنارة الإسكندرية، وكنيسة الرها، ومسجد دمشق.» ولهذا المسجد حديث عجيب، فقد ذكروا أن الوليد بن عبد الملك بن مروان لما أراد بناءه جمع نصارى دمشق وقال لهم: إنا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم يعني كنيسة يوحنا، ونعطيكم كنيسة حيث شئتم، وإن شئتم ضاعفنا لكم الثمن. فأبوا، وجاءوا بكتاب خالد بن الوليد والعهد، وقالوا: إنا نجد في كتبنا أنه لا يهدمها أحد إلا خنق. فقال لهم الوليد: فأنا أول من يهدمها. فقام وعليه قباء أصفر، فهدم وهدم الناس ثم زاد في المسجد ما أراد. قالوا: ومكث في بنائه تسع سنين يعمل فيها عشرة آلاف رجل! وقال موسى بن حماد البربري: رأيت في مسجد دمشق كتابة بالذهب في الزجاج محفورا فيها سورة
ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر
6
إلى آخرها، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في القاف، التي في قوله تعالى:
حتى زرتم المقابر
فسألت عن ذلك فقيل لي: إنه كانت للوليد بنت وكانت هذه الجوهرة لها، فماتت فأمرت أمها أن تدفن هذه الجوهرة معها في قبرها، فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من
ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر . ثم حلف لأمها أنه قد أودعها المقابر فسكتت. ونقل الجاحظ في كتاب البلدان عن بعض السلف أنه قال: ما يجوز أن يكون أحد أشد شوقا إلى الجنة من أهل دمشق لما يرونه من حسن مسجدهم. ويقول ياقوت: ومن عجائبه أنه لو عاش الإنسان مائة سنة وكان يتأمله كل يوم لرأى فيه كل يوم ما لم يره في سائر الأيام من حسن صناعاته واختلافها، ثم قال بعد كلام طويل: ولم يزل جامع دمشق على تلك الصورة يبهر بالحسن والتنميق إلى أن وقع فيه حريق في سنة 161 فأذهب بعض حسنه.
وقد أكثر الشعراء من وصف دمشق، فمن ذلك قول أبي المطاع بن حمدان:
سقى الله أرض الغوطتين وأهلها
فلي بجنوب الغوطتين شجون
Bilinmeyen sayfa