يصعب كثيرا على الإنسان، إذا لم يكن ذا مال، أن يبني داره ويؤثثها بطريف الرياش، ولكن عندما ينفسح له في مجال المشترى بالتقسيط يعيش في بيت جديد ناعم البال، ويعمل مطمئنا ليهيئ ما يستحق عليه من أقساط شهرية.
وبسهولة التقسيط نفسها، نستطيع أن نعمل يوميا بكل راحة إذا قسمنا عملنا على يومنا وتناسينا هموم ماضينا ولم نفكر بالغد.
إن الانصراف إلى الساعة التي نحن فيها يشحذ همتنا ويجعلنا ننصرف إلى العمل الواحد في الساعة الواحدة. فلا يجدر بنا أن نعمل عملين في آن واحد، وإذا حاولنا فلا نقدر على إنجاز شيء.
كيف حالك اليوم؟ هكذا يسأل بعضنا بعضا، فما سمعت في حياتي من يسأل كيف حالك أمس، ولا كيف حالك غدا. وفي الصلاة لا نطلب من الله إلا قوتنا اليومي، ولا نقول له حين نصبح إلا: اجعل يا رب نهارنا سعيدا.
ترى لماذا نترك الزهيد الذي نحصل عليه، ونعيش في جنات المستحيل المعلقة بحبال الأماني الفارغة؟
لماذا نترك الحاضر، وإن تافها، لنسعى وراء طائر جميل صورته لنا أمانينا؟
إن المسترسل في أمانيه، المعرض عن واقعه، لهو أشبه بالمنبت الذي «لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» كما جاء في الحديث الشريف.
فليكن لنا برنامج عمل يومي نسير عليه. كما لا نؤجل عشاء أو غداء، كذلك يجب أن نتقيد بهذا البرنامج العملي إذا شئنا النجاح.
إن حامل السلم بالعرض لا يمشي مستريحا، ولا يفتح الطريق لغيره ليسير الهوينا. ومن يخلط أعماله ببعضها لا ينجز منها شيئا، ويمضي نهاره دون أن يتم واحدا منها.
كل بدوره أيها السادة، هذه عبارة قرأت حكايتها في كتاب نسيت اسمه، وهي أن ببغاء كان يرددها، وهو موضوع في قفص معلق في مدخل أحد نوادي الصيد، فإذا أقبل الأعضاء على باب النادي راح الببغاء يردد عبارته المحفوظة: «كل بدوره أيها السادة.» ونحن إذا انصرفنا إلى مشكلاتنا كلا بدورها استطعنا حلها، ووجدنا راحة في الترتيب.
Bilinmeyen sayfa