الشهادة كالحرية، تؤخذ ولا تعطى، فحصلها بدرسك. ومع ذلك فإني أرى كل شهادات الأرض لا تساوي حياة واحد من الناس مهما يكن تافها.
سألني الكثيرون: من أين لك الوقت لتكتب كل ما تكتب، وهم لو عرفوا أني صرفت حياتي كلها في هذا الميدان، ولو كنت حرصت، كما يجب، على عدم ضياعها لكان لي أضعاف ما لي.
ويسألني غيرهم إذا كان عملي التعليمي يحول دون عملي الأدبي فلهؤلاء أقول: إن رجال الأدب في عصر دانتي كانوا كلهم إما تجارا، وإما أطباء، أو قضاة، أو جنودا.
وأنا أعرف كثيرين قد انتزعوا شهرتهم من بين أشداق الفاقة. إذن إلى ماذا ندعوك بعد طول هذه السيرة؟
ندعوك إلى الدرس، إلى قراءة ساعتين يوميا في فرصة الصيف، فتسمن ضلعك وتعود إلى المدرسة قويا نشيطا.
كثيرا ما يعود الطالب إلى مدرسته في تشرين وقد نسي كل شيء تقريبا؛ لأنه طلق كتبه وأشاح عنها إلى غيرها ... إن هذا الطالب لن ينجح.
وكثيرا ما أعرف من أولياء طلاب يعلمون أبناءهم صيفا ليقفزوا في صفوفهم.
إن العلم لا يدرك بالقفز والجمز والنط. فالثمرة التي لا تمر في جميع أطوارها لن تكون شهية لذيذة. فلينضج أبناؤنا على مهل، فهم ثمار الإنسانية والطفرة في الحياة محال.
فلنمتن حيطان ثقافة أبنائنا، ولا ننح باللوم على مدير التربية وأعوانه إذا قصر أبناؤنا. ولنسهر على أولادنا فهم في حاجة إلى ذلك. وإذا سهرنا على تصرفاتهم المسلكية في الفرص المدرسية - وما أكثرها - أمنا وقوع الكارثة.
فيا أيها الآباء المحترمون! فلتكن عيونكم على بنيكم عشرة عشرة، كما يقولون، ففي هذه السن يتقرر مصيرهم.
Bilinmeyen sayfa