إياك أن تقدم على عمل لا ترجو أن تجيده إجادة تامة. فالعمل الناقص لا تقره نواميس الحياة.
قد تقول لي: ومن أين أعرف مقدرتي؟ وأنا أقول لك: حاول. جرب. وإذا بدأت فواظب.
لا تتطلب مركزا لا تقدر على ملئه، وإذا حصلت على مركز فلا تطمح إلى منصب أعلى منه، بل ارفع شأن مركزك بإتقانك العمل فيه.
إن المركز الذي تحصل عليه لا يرفع من شأنك إن كنت غير قادر على التصرف فيه وتدبير شئونه، بل تزدرى وينظر إليك باستهزاء وسخر.
وإذا كنت بلا عمل فاقبل بالعمل الذي تيسر لك. وإذا كان دون مقامك الذي يصوره لك طموحك، فأنت تصل إلى ما تطمح إليه إذا أتقنت عملك هذا، فيتهافت عليك أصحاب الأعمال.
لا تطلب منك الحياة إلا ما انتدبتك إليه، فلا تغتر بشهاداتك ووسائلك، فالعمل شيء والحبر على الورق شيء آخر. فرب رجل حامل أسمى الألقاب العلمية لا يستطيع أن يماشي رجل أعمال حصيف، وإن يكن أميا.
إن طمعنا بجعل أنفسنا غير ما نحن هو الذي أشاع هذه الفوضى في المجتمع.
انظر إلى الناس، فقلما تجد رجلا في محله؛ فهذا جراح في مستشفى كان الأجدر به أن يكون جزارا على ظهر وضم، وذاك مرب، لو أنصفته الأيام كان يجب أن يكون راعي بقر أو غنم، وتجد محاميا لم يخلق إلا ليكون مزارعا، وفتيانا يبيعون أوراق اليانصيب أو يحملون السل للعتالة كان يجب أن يكونوا على مقاعد الجامعات العالية يتلقون العلوم العويصة.
إن رغبتنا في المجد الباطل هي التي جعلتنا نتبادل المراكز، وهي التي جعلتنا نزدري المهن، ولا نفكر إلا بالسلطة الفارغة ولو على قن دجاج.
إن كل عمل هو شريف إذا كان صاحبه من ذوي الضمائر الحية، فأصغ إلى صوت ميلك، وأجب نداء رغبتك. وإذا أراد أبوك أن ترث مهنته مع عقاراته، وأنت لا تميل إلى ذلك فقل له: فتش عن وارث غيري، وأنا سأفتش عن عمل أحسنه وعقار أستطيع استثماره.
Bilinmeyen sayfa