فَدَفَعَهُمَا إِلَيْهِ، وَأَخَذَهُمَا الأَعْرَابِيُّ، وَرَجَعَ إِلَى ابْنِ جَعْفَرٍ يَتَشَكَّرُ لَهُ، فَقَالَ الْعَبْدُ لابْنِ جَعْفَرٍ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، صُحْبَتِي؟ فَقَالَ: لِلأَعْرَابِيِّ: أَتَبِيعُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ قَالَ: بِثَلاثِمِائَةِ دِينَارٍ، قَالَ: هِيَ لَكَ فَأَعْطَاهُ ثَلاثَمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَعْطَاهُ سَيْفًا، وَقَالَ: لا تَخْدَعَنَّ عَنْهُ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ لِلْعَبْدِ: إِنَّ لَكَ حَقًا وَإِنَّكَ لَطَوِيلُ الصُّحْبَةِ، فَأَعْتَقَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ.
فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ، يَقُولُ:
سَأُثْنِي بِمَا أَوْلَيْتَنِي يَا ابْنَ جَعْفَرٍ ... وَمَا شَاكِرٌ عُرْفًا كَمَنْ هُوَ كَافِرُهْ
فَيَا خَيْرَ خَلْقِ اللَّهِ نَفْسًا وَوَلَدًا ... وَأَكْرَمَهُمْ لِلْجَارِحِينَ يُجَاوِرُهْ
حَدَّثَنِي مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: " أَشَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمَهْدِيِّ أَنْ يَنْزِلَ الرَّافِقَةَ، وَأَرَادَ أَنْ يُبْعِدَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، فَكَتَبَ أَبُو دُلامَةَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ وَالْمَهْدِيَّ إِنْ قَرُبَا فَنَحْنُ فِي حِنْثٍ، لا مَاءٌ، وَلا شَجَرٌ، وَلا نَهَارٌ، وَلا لَيْلٌ يَطِيبُ لَنَا، وَلا يَطِيبُ لَنَا شَمْسٌ وَلا قَمَرٌ، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي نَاصِحٌ لَكُمْ فِيمَا أَقُولُ، وَإِنِّي حَيَّةٌ ذَكَرٌ أَرَى وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعَانِ بِهِ مِنَ الْحَسُودِ، وَفِي فِيَّ الْحَاسِدُ الْحَجَرُ.
فَرَدَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَهْدِيَّ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي نُزُولِ الرَّافِقَةَ، وَلَمْ يُبَاعِدْهُ عَنْهُ
٢٩ - حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَوَافَى طَاوُسًا بِمَكَّةَ، فَقِيلَ لِطَاوُسٍ: حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ طَاوُسٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَشْرَكَهُ اللَّهُ فِي سُلْطَانِهِ فَجَارَ فِي حُكْمِهِ» .
قَالَ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: فَرَأَيْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ
حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ: «إِنِّي أَرَاكَ ظَاهِرَ اللَّوْنِ لَيِّنَ الْبَشْرَةِ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا طَعَامُكَ؟» قَالَ: " لُبَابُ الْحِنْطَةِ، وَصِغَارُ الْمَاعِزِ، وَأَدِّهُنُ بِخَامِ الْبَنَفْسَجِ، وَأَلْبَسُ الْكِتَّانَ
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بُرَيْهَةَ إِلَى غَسَّانَ بْنِ عَبَّادٍ يَشْكُو إِلَيْهِ غَلَبَةَ الدَّيْنِ، وَضِيقَ الْحَالِ، وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَرْفَعَ لَهُ رُقْعَةً إِلَى الْمَأْمُونِ فِي إِدْرَارِ أَرْزَاقِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ.
فَقَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: ثَلاثُونَ وَمِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
قَالَ: هَاتِ رُقْعَتَكَ.
فَأَخْرَجَهَا مِنْ خُفِّهِ وَذَهَبَ لِيَقُومَ.
1 / 22