بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله خَالق الْإِنْس وَالْجنَّة وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تكون لمن تدرع بهَا أوقى جنه وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الدَّاعِي إِلَى الْجنَّة ﷺ وعَلى آله وَأَصْحَابه أولى الْبَأْس والنجدة صَلَاة يعظم بهَا عَلَيْهِم الْمِنَّة وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا يقوم بِالْفَرْضِ وَالسّنة كَمَا علم الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهِ وأسنه
وَبعد فَهَذَا كتاب جَامع لذكر الْجِنّ وأخبارهم وَمَا يتَعَلَّق بأحكامهم وآثارهم وَكَانَ السَّبَب فِي تصنيفه ونسخه على هَذَا المنوال الْغَرِيب وترصيفه مذاكرة وَقعت فِي مَسْأَلَة نِكَاح الْجِنّ وإمكانه ووقوعه وضاق الْمجْلس عَن تقريرها وَتَحْقِيق المباحث فِيهَا وتحريرها ثمَّ رَأَيْت أَن هَذِه الْمَسْأَلَة تَقْتَضِي مُقَدمَات
الأولى تَقْرِير وجود الْجِنّ خلافًا لكثير من الفلاسفة وجماهير الْقَدَرِيَّة وكافة الزَّنَادِقَة وَغَيرهم وَفَسَاد قَول من أنكر وجودهم
الثَّانِيَة تَقْرِير أَن لَهُم أجساما مشخصة رقيقَة أَو كثيفة تتطور وتتشكل فِي صور شَتَّى ليمكن الوقاع ويتأتى لِأَنَّهُ إِنَّمَا يتَصَوَّر بَين جسمين مماسين وَيتَفَرَّع على هَذَا ذكر تحيزهم وأكلهم وشربهم وتناكحهم فِيمَا بَينهم لِأَن جسم الْحَيّ لَا بُد لَهُ من تحيز وَتَنَاول مَا هُوَ سَبَب لنموه وبقائه وَبَقَاء جنسه بالتوالد
الثَّالِثَة بَيَان تكليفهم خلافًا للحشوية وَذَلِكَ لِأَن من جوز النِّكَاح بَين الْإِنْس وَالْجِنّ أما أَن يشْتَرط فِي نِسَائِهِم الْإِيمَان أَو أَن يكن من أهل الْكتاب لِأَن مَا اشْترط فِي حل النِّسَاء الآدميات أولى أَن يشْتَرط فِي الجنيات لِأَن الْقَائِل
1 / 17